415

( والله لا يهدي القوم الكافرين ) إلى الخير والرشاد ، لتوغل عنادهم ولجاجهم ، وشدة إنكارهم ، مع أنهم يعرجون طريق الحق ، فيخليهم الله في الكفر والضلالة. وفيه تعريض بأن الرئاء والمن والأذى على الإنفاق من صفات الكفار ، ولا بد للمؤمن أن يتجنب عنها.

وبعد ذكر الوعيد على المنافقين المنفقين رئاء الناس ، وعد المؤمنين المنفقين ابتغاء مرضاة الله ، فقال : ( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم ) وتثبيتا بعض أنفسهم على الإيمان ، فإن المال شقيق الروح ، وبذله أشق على النفس من أكثر العبادات الشاقة ، فمن بذل ماله لوجه الله ثبت بعض نفسه ، ومن بذل ماله وروحه ثبتها كلها. ويجوز أن يراد : وتصديقا للإسلام ، وتحقيقا للجزاء مبتدأ من أصل أنفسهم ، لأنه إذا أنفق المسلم في سبيل الله علم أن تصديقه بالثواب من أصل نفسه وأصل قلبه. وفيه تنبيه على أن حكمة الإنفاق للمنفق تزكية النفس عن البخل وحب المال.

فمثل نفقة هؤلاء في الزكاة ( كمثل جنة بربوة ) كمثل بستان بموضع مرتفع ، فإن شجره يكون أزكى ثمرا وأحسن منظرا. وقرأ ابن عامر وعاصم : بربوة بالفتح (1). وهما لغتان فيها. ( أصابها وابل ) مطر عظيم القطر ( فآتت أكلها ) فأعطيت ثمرتها. وقرأ نافع وأبو عمرو بالسكون تخفيفا. ( ضعفين ) مثلي ما كانت تثمر بسبب الوابل. والمراد بالضعف المثل ، كما أريد بالزوج الواحد في قوله : ( من كل زوجين اثنين ) (2). وقيل : أربعة أمثاله. ونصبه على الحال ، أي : مضاعفا. ( فإن لم يصبها وابل فطل ) أي : فيصيبها مطر لين ، أو فالذي يصيبها طل ، وهو يكفيها ، لكرم منبتها ، وبرودة هوائها ، لارتفاع مكانها. والطل : هو المطر الصغير القطر.

पृष्ठ 420