الكفار للمسلمين ، وأنهم لا ينفكون عنها حتى يردوهم عن دينهم. و «حتى» معناه التعليل ، كقولك : أعبد الله حتى أدخل الجنة ، أي : يقاتلوكم كي يردوكم عن دينكم ( إن استطاعوا ) استبعاد لاستطاعتهم ، كقول الواثق بقوته على قرنه (1): إن ظفرت بي فلا تبق علي ، وإيذان بأنهم لا يردونهم.
( ومن يرتدد ) يرجع ( منكم عن دينه ) إلى دينهم ( فيمت وهو كافر ) أي : حال كونه على الردة ( فأولئك حبطت أعمالهم ) النافعة ( في الدنيا ) لما يفوتهم بإحداث الردة مما للمسلمين في الدنيا من ثمرات الإسلام ( والآخرة ) لما يفوتهم من الثواب ( وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) كسائر الكفرة.
( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم (218))
روي أن عبد الله بن جحش وأصحابه حين قتلوا الحضرمي ظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر ، فنزلت : ( إن الذين آمنوا ) صدقوا الله ورسوله ( والذين هاجروا ) قطعوا عشائرهم وفارقوا منازلهم وتركوا أموالهم ( وجاهدوا في سبيل الله ) وقاتلوا الكفار في طاعة الله التي هي سبيله المشروعة لعباده. وكرر الموصول لتعظيم الهجرة والجهاد ، كأنهما مستقلان في تحقيق الرجاء. وإنما جمع بين هذه الأشياء لبيان فضلها والترغيب فيها ، لا لأن الثواب لا يستحق على واحد منها على الانفراد ( أولئك يرجون رحمت الله ) وهي : النصر والغنيمة في الدنيا ، والمثوبة العظمى في العقبى ( والله غفور ) لما فعلوا خطأ وقلة احتياط ( رحيم ) بأجزل الأجر والثواب.
عن قتادة : هؤلاء خيار هذه الأمة ، ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون ،
पृष्ठ 345