المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة ، كقولهم : شكرا وعجبا ونحو ذلك ، إلى الرفع على الابتداء ، للدلالة على ثبات المعنى واستقراره واستمراره ، دون تجدده. وحدوثه في نحو قولك : أحمد الله حمدا ، ومنه قوله تعالى : ( قالوا سلاما قال سلام ) (1) رفع السلام الثاني للدلالة على أن إبراهيم عليه السلام حياهم بتحية أحسن من تحيتهم ، لأن الرفع دال على ثبات معنى السلام دون تجدده. فمعنى ( الحمد لله ): الثناء الحسن الجميل ، والمدح الكامل الجزيل ، للمعبود المنعم لجلائل النعم.
( رب العالمين ) المربي والمالك والمنشئ للخلائق والأمم. وهو في الأصل بمعنى التربية ، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا ، ثم وصف به للمبالغة كالصوم والعدل. وقيل : هو نعت من : ربه يربه فهو رب. ولم يطلق الرب إلا في الله وحده ، ويقيد في غيره فيقال : رب الدار ، ورب الضيعة ، وكقوله تعالى : ( ارجع إلى ربك ) (2).
والعالم اسم لما يعلم به ، كالخاتم والقالب ، غلب فيما يعلم به الصانع ، وهو كل ما سواه من الأجسام والجواهر والأعراض ، فإنها لإمكانها وافتقارها إلى مؤثر واجب الوجود لذاته تدل على وجوده. وإنما جمعه ليشمل ما تحته من الأجناس المختلفة. وغلب العقلاء منهم فجمعه بالياء والنون ، وإن كان اسما غير صفة ، لدلالته على معنى العلم ، فهو بمنزلة سائر أوصافهم.
وقيل : اسم وضع لذوي العلم من الملائكة والثقلين ، وتناوله لغيرهم على سبيل الاستتباع .
وقيل : عنى به الناس هاهنا ، فإن كل واحد منهم عالم ، من حيث إنه يشتمل على نظائر ما في العالم الكبير من الجواهر والأعراض ، يعلم به الصانع كما يعلم بما
पृष्ठ 26