يقولون : إنا نتبعه قبل أن يكون الناس كلهم آمنوا به ، فلما بعث كان أمرهم على العكس ، كقوله : ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به ) (1) لا الدلالة على ما نطق به الظاهر ، كقولك : أما أنا فلست بجاهل. فلا (2) يرد : كيف نهوا عن التقدم في الكفر وقد سبقهم مشركو العرب؟ أو يكون المراد منه : ولا تكونوا أول كافر به من أهل الكتاب. ويجوز أن يراد : ولا تكونوا مثل أول كافر به ، يعني : من أشرك به من أهل مكة ، أي : ولا تكونوا وأنتم تعرفونه مذكورا في التوراة موصوفا ، مثل من لم يعرفه وهو مشرك لا كتاب له.
وقيل : الضمير في «به» ل «ما معكم» لأنهم إذا كفروا بما يصدقه فقد كفروا به.
و «أول» أفعل لا فعل له. وقيل : أصله أوأل من : وأل ، أو أأول من : آل فقلبت همزته واوا وأدغمت.
( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) ولا تستبدلوا بالإيمان بها حظوظ الدنيا ، فإنها وإن جلت قليلة بالإضافة إلى ما يفوت عنكم من حظوظ الآخرة بترك الإيمان.
روي عن أبي جعفر عليه السلام وغيره في هذه الآية أنه قال : «كان حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف ونظائرهما من اليهود لهم رئاسة في قومهم ورسوم وهدايا منهم ومأكلة على اليهود في كل سنة ، فكرهوا بطلانها بأمر النبي صلى الله عليه وآلهوسلم أي : فخافوا عليها لو اتبعوا رسول الله فاختاروها عليه ، فحرفوا لذلك آيات من التوراة فيها صفته وذكره ، فذلك هو الثمن الذي أريد في الآية.
فالمعنى : لا تستبدلوا بما في التوراة من بيان صفة محمد ونعته ثمنا قليلا ، أي : عرضا يسيرا من الدنيا. وقيل : كانوا يأخذون الرشا فيحرفون الحق ويكتمونه.
पृष्ठ 137