238

हिजरत के इतिहास में विचार का सार

زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

शैलियों

इतिहास

وذلك للاسباب التي اتفقت من الأمير شمس الدين سنقر الاشقر منها كونه تقاعد عند منازلة حصن المرقب عن الحضور اليه وتأخر عن المساعدة في الجهاد المفترض عليه ومنها انه كان يشن الغارات بخيله ورجله على البلاد التي حوله وخرج عما وقع عليه الاتفاق وابدي نوعا من الشقاق فسير السلطان اليه جيشا صحبة المشار اليه فتوجه في جماعة العساكر ومن سار معه من الأمراء الاكابر ونزل على صهيون وارسل الى الامير شمس الدين سنقر الاشقر يعرض عليه تسليم الحصن والتوجه إلى الديار المصرية ويعرفه ما وعده السلطان من المواعيد وما نواه له من المزيد وما نصده من اجتماع الشمل بأنسه والراحة من القيل والقال الذي يشوب الوة بعكسه فما أجاب ولا اظهر تمسكا بشيء من هذه الاسباب فعند ذلك جد في محاصرته وبالع في مضايقته ونصب عليه المجانيق ترميه بالحجارة وشدد عليه الحصار واراه من الجد ما لم ير مثله في عمره ولا لابسه في سالف دهره فلما عاين ذلك الأمر الشديد راي الهلك غير بعيد وايقن انه متي فتح الحصن عنوة وفجأوه منه فجوة لم يأمن على نفسه ولم يستدرك في يومه فارط أمسه فارسل يطلب الأمان ويلتمس تأكيده بالايمان فأجاب الأمير حسام الدين الى ذلك وحلف له على ما قصده هنالك وضمن عن السلطان أنه سيعامله بالجميل ويصله من احسانه بكل جزيل وانه لا يعرض اليه بسوء في نفسه وجسده وأهله وولده وحاشيته وغاشيته وعصابته وبطانته فلما استوثق بتأكيد العهود واطمأن إلى هذه الوعود نزل من صهيون فقرت بنزوله العيون وهان من أمره ما لم يكن يهون وتسلمها الأمير حسام الدين طرنطاي المنصوري في شهر ربيع الاول سنة ست وثمانين وستمائة ورتب فيها نائبا وواليا ورجالة وانعم على رجالها ونظر في أحوالها وسار عنها والامير شمس الدين سنقر الاشقر صحبته فوتبت له الاقامات وأجزلت له الكرامات ولما وصلوا الى قريب القلعة المحروسة ركب السلطان وولداه الصالح والاشرف وولدا الملك الظاهر بين يديه في موكب حقت به العساكر واجتمعت فيه الأمراء الاكابر والصالحية النجمية وسائر الحوشداشية وتلقي السلطان الامير شمس الدين المشار اليه بالبشر والاقبال والرحب والاحتفال وتعانقا وتكارشا وتقارضا تحية المحبين اذا التقيا بعد البين ثم اطلعه الى القلعة معه واسكنه فيها واورده من مناهل الاكرام صافيها وحمل اليه من اطلع الفاخرة والأقمشة الزاهرة وحوائص الذهب الثمينة وانواع التحف النفيسة واعطاه امرة مائة فارس وساق اليه من الخيل المسومة والجرد المطهمة والسروج المحلاة وغير ذلك ما ملأ عينه ويده واتخذه في الحضر جليسة وفي السفر أنيسة وفي المقام سميرة وفي المهام مشيرة وبقي على ذلك بقية ايام السلطان رافلا في ملابس الاحسان حتى أنساه ذكر ايامه الأول وصيره يقلب الطرف بين الخيل والحول حتى اذا قضى السلطان الشهيد الى جوار ربه ورحمته وافضى الملك إلى ولده الملك الاشرف بعد منيته اوقع بالامير شمس الدين المذكور على ما سنذكره ان شاء الله.

पृष्ठ 259