بقولهم " لا المجاز " في الثلاثة مسائل للإشارة إلى أنه ليس المراد بالحقيقة كنه الشيء كما هو مراد المتكلمين، فإن القرآن بهذه الصفة الحقيقة ليس هو في المصاحف، ولا في الصدور، ولا في الألسنة، وإنما المراد بها مقابل المجاز، أي: يصح أن يطلق على القرآن حقيقة أنه مكتوب، محفوظ، مقروء، وأن إسناد كل من هذه الثلاث إلى القرآن حقيقي في كل منها، باعتبار وجود من الوجودات الأربعة كما لا يخفى، لا أنها إسناد مجازي.
قال: وإيضاح ذلك، أنه يصح أن يقال: القرآن جميعه مكتوب، محفوظ، مقروء، وأنه غير مخلوق، أي: موجود أزلًا وأبدًا، اتصافًا له، باعتبارات الوجودات الأربعة التي هي لكل موجود، وهي: الوجود الخارجي، والوجود الذهني، والوجود في العبارة، والوجود في الكتابة، وهي تدل على العبارة، وهي على ما في الذهن، وهو على ما في الخارج.
فإن القرآن باعتبار الوجود الذهني محفوظ في الصدور، وباعتبار الوجود اللساني مقروء بالألسنة، وباعتبار الوجود الكتابي مكتوب في المصاحف، وباعتبار الوجود الخارجي وهو المعنى القائم بالذات المقدسة، ليس بالصدور، ولا بالألسنة، ولا في المصاحف، وأما الألفاظ المركبة من
1 / 103