تصدير
سيرة الزباء
موضوع القصة
تمثيل القصة
نسق التمثيل
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
تصدير
سيرة الزباء
موضوع القصة
تمثيل القصة
نسق التمثيل
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
زينوبيا ملكة تدمر
زينوبيا ملكة تدمر
أوبرا تاريخية كبرى ذات أربعة فصول
تأليف
أحمد زكي أبو شادي
تصدير
ألف بعض مشاهير رجال الأدب والفن من الأوروبيين أوپرتين مختلفتين جد الاختلاف في موضوعهما عن (ملكة سبأ) أو (بلقيس) المذكورة في القرآن والإنجيل الشريفين، وهي غير (الزباء، ملكة تدمر أو پالميرا أرملة الملك أذنية)، وإن كثر الاشتباه اللفظي بينهما لدى الجمهور ولا سيما في أوروبا، وهذا ما يدعوني إلى هذه المقدمة. وأشهر هاتين الأوپرتين الأوپرا النمساوية المسماة “Die Koningen von Saba”
أو (ملكة سبأ
The Queen Of Sheba )، وقد وضعها ج. ه. موزنتال “G. H. Mosenthal”
ولحنها كارل جولد مارك “Karl Goldmark”
وأخرجت في فينا في العاشر من شهر مارس سنة 1875م، وبها خلد جولدمارك ذكراه، كما أن موسيقاها الشرقية النفحة البديعة الجذابة كانت من عوامل نجاحها في أوروبا. وأما الأوپرا الأخرى فكانت سابقة لهذه وكانت فرنسية ومعنونة بالاسم ذاته مترجما “La Reine De Saba” ، وقد ألفها بربييه “Barbier”
وكاريه “Carré”
ولحنها جوتوه الموسيقي الفرنسي الشهير ملحن فاوست
Faust ، ولكن روايته هذه معدودة بين سلسلة مؤلفاته الموسيقية التي لم تنل إقبال الجمهور عليها، وقد أخرجت في سنة 1862م.
أما هذه الأوپرا: (الزباء
Al-Zabba
أو
Zenobia )
1
فمستحدثة، ولا شأن لها بسيرة (ملكة سبأ) ولم يسبق تمثيلها بصورة ما، وهي مختلفة جد الاختلاف عن معظم ما كتب في بحثها سابقا من الوجهة القصصية (فضلا عن أنه لا علاقة لها كما قدمنا بسيرة ملكة سبأ أو بلقيس وإن تشابه الاسمان الأصيلان «سبأ» و«الزباء» عند الفرنجة)، وهذا الاختلاف قائم موضوعا وتاريخا وتحقيقا ومرمى: فأما الموضوع فينزع إلى الإشادة بأشرف العواطف القومية وعزة النفس والتضحية الجليلة، وأما التاريخ فهو أحدث ما نعلمه عنها مع مراعاة مقتضيات الأوپرا، وأما التحقيق فحسبي منه تجنب ذلك النوع من الخرافة الذي لا يكسب الأوپرا رونقا ولا يخدم الحقيقة المحبوبة على أي حال، وأما المرمى فهو التهذيب الفني والخلقي معا لا مجرد اللهو والتسلية بسرد قصة أو تمثيل رواية لا عبرة منها ولا جدوى، وهذه أمانة قومية في عنقي لم أغفل ولن أغفل تقديرها ما حييت.
بهذه النزعة أخذت أنظم هذه الأوپرا تقديرا لهذه الملكة العربية الجميلة التي كانت تنتسب أيضا إلى (كليوباطرة) ملكة مصر وإن كانت مثال الاستقامة والشرف، بعكس (كليوباطرة) التي دعاها (بروبوديتوس) المؤرخ الروماني «ملكة المدينة النجسة» مشيرا إلى (كانوب) مدينة الفجور القديمة برمل الإسكندرية! وقد حكمت (الزباء) زمنا على مصر وامتد ملكها امتدادا عظيما وخشي سطوتها الإمبراطور (أورليان) الروماني، ولبثت عزيزة حتى بعد أن تقلب لها الزمن وبعد أن سقطت دولتها وأسرت في سنة 273م، فقد شاءت الأقدار أن يتزوج أولادها من الرومانيين، وأن ينشأ من نسلهم رؤساء للإمبراطورية الرومانية.
وقد راعيت في وضع هذه الأوپرا - وإن كانت من طائفة الأوپرات الكبرى - أن تكون متوسطة الحجم مجاراة لحالة المسرح المصري الحاضرة؛ لأن الآمال التي كانت معقودة على تأليف فرقة مصرية كبرى للأوپرا - والتي من أجلها وضعت «أردشير
Ardasheer » و«الآلهة
The Goddesses » على الأخص - لم تتحقق بعد، ولعلي قدمت بهذه الأوپرا إلى أنصار الشعر المصري وإلى عشاق الأوپرا الراقية إضافة جديدة مقبولة وقسطا من الخدمة الواجبة.
أحمد زكي أبو شادي
الإسكندرية في 28 يوليو سنة 1927م
سيرة الزباء
بقلم الأديب القدير الأستاذ محمد سعيد إبراهيم سكرتير (رابطة الأدب الجديد)
زنوبيا أو الزباء هي ملكة پلميرا أو تدمر، واسمها في عشيرتها:
Septimia Bathzabbai ، وهذه المرأة المشهورة بجمالها وإقدامها وذكائها كانت جديرة بأن تكون قرينة أذينة “Odainatti”
الذي كان يحمل لقب «رئيس المشرق» “Dux Orientis” ، وهي قد اشتركت معه بالفعل في سياسة ملكه أثناء حياته، ولم تخلفه في منصبه فقط بعد وفاته (سنة 266-267 ميلاديا) بل إنها عقدت العزم على بسط سلطانها على الدولة الرومانية الشرقية، وكان ابنها هبة الله بن أذينه لا يزال حينذاك طفلا، فتسلمت مقاليد الحكم في يدها. وقد غزت (مصر) سنة 270م. وفتحتها بقيادة زبدة “Zabda”
بدعوى إعادتها لحكم الإمبراطورية الرومانية، وحكم ابنها (هبة الله) مصر في عهد (قلوديوس) على أنه شريك في حكمها وله لقب الملك، وجعلت (الزباء ) لنفسها لقب الملكة، وقد بسطت نفوذها في آسيا الصغرى إلى مقربة من (بيزنطة) وظلت تدعي أنها تصنع ذلك في سبيل (رومة). وقد سك اسم (هبة الله) على العملة التي ضربت في الإسكندرية سنة 270م مع اسم (أورليان) الإمبراطور الروماني، ولو أن أورليان قد تفرد بلقب «العظيم» أو «أوغسطس». وقد وجدت في بابل نقوش عليها اسم (الزباء) و(أورليان) أو سلفه (قلوديوس) مع ألقاب
Augusta
و
Augustus .
ولما آلت الإمبراطورية إلى (أورليان) في سنة 270م، أدرك ما في سياسة (الزباء) من الخطر على وحدة الإمبراطورية؛ إذ إن مظاهر المداراة كانت قد اطرحت من قبل وانكشفت نيات (الزباء)، فإن ابنها ضرب العملة باسمه فقط، وخرج على (رومة). فأرسل (أورليان) حملة إلى (مصر) على رأسها القائد (پروبس
) في سنة 270م، واستولى عليها. وأعد الإمبراطور في سنة 271م حملة أخرى على آسيا الصغرى والشام، فدخلت آسيا الصغرى في أواخر سنة 271م، ودحرت حامياتها التدمرية، ووصلت إلى (أنطاكية) حيث وقفت أمامها (الزباء) بجيشها فانهزمت بعد أن لحقتها خسائر فادحة، وتقهقرت إلى ناحية (حمص) التي يبدأ عندها الطريق إلى مقر ملكها، وقد أبت أن تستسلم إلى (أورليان) وجمعت جيشها في (حمص) لتخوض المعركة التي تحدد لها مصيرها. ولكنها انهزمت في النهاية ولم يبق أمامها إلا الفرار في الصحراء نحو (تدمر)، فتابعها (أورليان) بالرغم من وعورة الطريق وحاصر مدينتها المنيعة، وفي هذه الساعة العصيبة خذلتها شجاعتها ففرت هي وابنها من المدينة لاجئة إلى ملك (الفرس)
1
مستنجدة به، إلا أنه قبض عليها على شاطئ الفرات. ولما فقد التدمريون أملهم بهذه النكبة ألقوا سلاحهم، فأخذ (أورليان) كل ما في البلد من الغنائم وأبقى على أهلها، وأمن (الزباء) على حياتها، إلا أنه قتل كل قوادها ومستشاريها ومن بينهم العالم المعروف (لونجينوس
Longinus ). وقد دخلت (الزباء) مدينة (رومة) في موكب الإمبراطور الظافر، وارتضت خذلانها في عزة نفس وشمم، وقضت أيامها الأخيرة في (تيبور
Tibur ) حيث عاشت هي وابنها عيشة سيدة رومانية، ولم تمض أشهر قلائل حتى ثارت (تدمر) ثانية فعاد إليها (أورليان) على غير انتظار ودمرها ولم يبق على أهلها هذه المرة ...
ومما يروى عن (الزباء) مناقشاتها مع كبير الأساقفة
Samosata
في المسائل الدينية. ويرجح أنها كانت تحسن معاملة اليهود في (تدمر)، فقد أشار إلى ذلك (التلمود). ومدينة (تدمر) مقر ملك (الزباء) تقع على مسافة 150 ميلا إلى الشمال الشرقي من (دمشق)، وكانت الحروب الفارسية “Parthian”
سببا في ظهورها بين ممتلكات (رومة) واعتلائها ذلك المركز الممتاز فيها. كانت الأسرة الساسانية في ذلك الوقت في ذروة بأسها وعظمتها واتجهت مطامعها إلى الممتلكات الرومانية، فلم يكن للتدمريين بد من أن يختاروا بين (الفرس) و(رومة)، فانحازوا إلى الإمبراطورية الرومانية التي كانت قد حبت أشراف (تدمر) ألقابها وعينت بعضا منهم في مجلس الشيوخ وجعلت واحدا منهم قنصلا وهو زوج (الزباء) المسمى أذينة “Odainath” ، وكان ذلك في عهد الإمبراطور فاليريان سنة 258م.
وانتهى الصراع بين (رومة) وبلاد (الفرس) باندحار الرومانيين سنة 260م، واكتساح الفارسيين آسيا الصغرى وشمال سوريا، وأسر إمبراطورهم (فاليريان
Valerian ) الذي مات في أسره، فرأى (أذنية) زوج (الزباء) بثاقب بصره أن يتودد بعد ذلك إلى (شابور) ملك الفرس، وأخذ يرسل إليه الهدايا والكتب الكثيرة فكان يرفضها بازدراء، وكان ذلك سببا في أن يلقي (أذينة) بنفسه في أحضان (رومة) مدافعا عن قضيتها، وقد كافأه (جالينس
Gallienus ) بتعيينه في منصب (رئيس المشرق
Dux Orientis ) كوكيل للإمبراطورية في الشرق في سنة 262م. ومن ذلك الوقت أخذ يعمل لاسترداد ما خسرته (رومة) بعد أن ضم إليه فلول الجيش الروماني، فحارب (شابور) وتغلب عليه وأعاد المملكة الشرقية إلى (رومة). وفي أوج انتصاراته قتل هو وابنه الأكبر (هيرودس
Herodes ) في حمص سنة 267م، فآل ملك (تدمر) إلى (الزباء) التي كانت تناصر زوجها في سياسته، وحكمت باسم ابنها الصغير (هبة الله)، وكان لها جيش يبلغ السبعين ألفا عزمت على فتح مصر به، فتم لها ذلك في سنة 270-271م كما قدمنا، فانتهت مطامحها بأسرها على ما بينا في سنة 273م. أما لغة تدمر فهي اللغة الآرامية، وكان أهلها يعبدون الشمس، ومعبد الشمس لا يزال إلى الآن أكبر الآثار التدمرية .
موضوع القصة
كانت (الزباء) ملكة (تدمر) آية في الجمال كما كانت آية في الذكاء وعلو الهمة ، جريئة طامحة. فبعد أن جلست على كرسي مملكتها بالوصاية على ابنها (هبة الله) إثر وفاة زوجها (أذينة) ونظمت ملكها، جردت هذه الملكة العربية المصرية الإغريقية الأصل حملة عظيمة على مصر برئاسة ولي عهدها (هبة الله) وبقيادة پيلنيوس القائد الأعظم لجيشها وهو الذي كان يحارب (تحت إمرة زوجها أذنية) الملك (شابور) الفارسي لمصلحة (رومة) فتغلب عليه، وإن قتل (أذينة) وابنه الأكبر في تلك الحرب التي كان من عاقبتها إعادة المملكة الشرقية الرومانية والتحالف بين (تدمر) وبين (رومة).
جردت هذه الملكة الطامحة - التي تبدأ بها قصتنا - حملتها على (مصر) اعتمادا على مهارة قائدها الأعظم (پيلنيوس
) السالف الذكر بمعاونة قائدها زبدة “Zabda” ، وكان الأول مولدا من أب روماني وأم تدمرية، ففتح (مصر) بسهولة نظرا لمودة الأهالي، وكان يعتقد أنه يعزز سلطة (رومة) كما يخدم (تدمر) بهذه الحملة، وقد أفهمته الملكة (الزباء) ذلك مخادعة، بينما هي ترمي إلى نشر نفوذها، ولذلك تركت ابنها في (مصر) واستدعت هذا القائد إثر الفتح. وكان يطمح في التزوج منها ليكون ملك (تدمر) المتوج، كما كان يحبها حبا مصلحيا ويغار من عنايتها بصديقها الناصح الأمين (لونجينوس
Longinus ). وكانت الملكة تعنى بمباحثة كبير الكهنة (ثاديوس
Theddeus ) في المسائل العلمية والأدبية؛ لأنها كانت أديبة تجيد من اللغات العربية والآرامية والمصرية، وألفت كتابا عن تاريخ الشرق، وكان كبير الكهنة هذا يغار بدوره من عنايتها بالفيلسوف (لونجينوس)، وكان لكبير الكهنة (ثاديوس) بنت تدعى (مرندا
Miranda ) وكانت تعشق القائد الأعظم (پيلنيوس) ويشجعها على ذلك والدها بإغضائه أيضا وبتودده للقائد هذا، بينما (پيلنيوس) لم يكن يعرف للحب الحقيقي معنى، ولكنه عرف كيف يستغل حب (مرندا) له وكراهية والدها (للونجينوس) الفيلسوف صديق الملكة الحميم. فلما اتضح فيما بعد للإمبراطور الروماني (أورليان) خطر (الزباء) على سلطته وشدة مطامحها - لا سيما بعد أن ضرب ابنها (هبة الله) العملة المصرية باسمها فقط - بعث بحملة إلى (مصر) وتمكن من دحر جيشها هناك، ثم أردف هذه الحملة بأخرى على آسيا الصغرى والشام بقيادة القائد (مارسيوس
Marcius ) فهزمت جيوش (الزباء) لا سيما في (أنطاكية) و(حمص) واضطرت (الزباء) إلى التحصن في (تدمر). ويرجع أكبر الفضل في انتصار الرومانيين عليها إلى تجسس (مرندا) وخذلان قائدها (پيلنيوس) إياها، بعد أن ساومها في ساعة الشدة على الزواج منه فرفضت بشمم، فدعاه إباؤه إلى الانضمام الكلي إلى القائد الروماني (مارسيوس
Marcius ) وتآمر الاثنان على التنكيل بجيشها وسحق ملكها. ولولا انضمام (پيلنيوس) إلى الرومانيين ما استطاعوا اجتياز القفار والاستحكامات المنيعة بعد موقعة (حمص) والتمكن من محاصرة (تدمر). ولولا ثقة الملكة (بمرندا) الطيبة القلب التي خدعها (پيلنيوس) ولولا حب الأخيرة لهذا القائد الخائن المخادع الذي استغل مركزه لنفعه الشخصي لما آل الأمر إلى محاولة (الزباء) وابنها الهرب إلى ملك الفرس للالتجاء إليه دون نجاح في هذه المحاولة، فتؤخذ عندها (الزباء) أسيرة إلى (رومة) وعليها سلاسل الذهب والجواهر، ماشية أمام عربة الإمبراطور (أورليان) في هوان وضعة فيكاد يغمى عليها، ولكنها تتمالك نفسها وتخاطب (أورليان) في تأثر قائلة له: إنه إذا كان عاملها هكذا جزاء لها فإنه لم ينصف، لأنه لولا قائدها (پيلنيوس) وأطماعه ورغبته في الزواج منها وتشجيعه الانفصال من (رومة) لما وقع ما يغضب الإمبراطور، وإذا كان قائدها هذا قد ناصره أخيرا فليس ذلك حبا في (رومة) وإنما بدافع الانتقام الشخصي منها، ومثله لن يكون وفيا للإمبراطور بل هو أساس المصائب ومدبر كل خيانة. فيغضب عليه الإمبراطور بعد أن يصفح عنها ويعدها بحياة الكرامة والشرف مع أولادها في مدينة (تيبور). فيقبض على پيلنيوس ويحكم عليه بالإعدام أمام (الزباء). وتغدو معززة لدى من كان آسرها مسترجعة منزلتها الملكية، وقد توجها (أورليان) بإكليل من الغار ووصفها بأنها حقا في الأسر آسرة، وفي القهر فاتحة، وفي الذل مليكة! ومن كان هذا معدنها فليس لها إلا أن يجلها الإمبراطور وأن تعيش عزيزة بقية عمرها في ضيافة (رومة) الجديرة بأن تعد وطنا ثانيا لها.
تمثيل القصة
أشخاص القصة
الزباء:
ملكة تدمر.
أورليان:
إمبراطور الرومان.
لونجينوس:
الفيلسوف الإسكندري والناصح الأمين للملكة.
ثاديوس:
كبير الكهنة لمملكة تدمر.
لورنتياس:
الوزير الأعظم لمملكة تدمر.
پيلنيوس:
القائد الأعظم لجيش مملكة تدمر.
مرندا:
ابنة ثاديوس كبير الكهنة.
هبة الله:
ولي عهد الزباء وابنها. (أشير إليه ولم يظهر في التمثيل.)
مارسيوس:
قائد الجيش الروماني. (أشير إليه ولم يظهر في التمثيل.)
حاشية - جند - جواري - راقصات - جمهور.
نسق التمثيل
الفصل الأول
يمثل هذا الفصل في مشهده الشرفة الكبرى للقصر الملكي بمدينة (تدمر) وقد جلست (الزباء) على مسمع من مرور بعض الجند العائدين من (مصر)، بعد أن أتمت فتحها بدون مقاومة بجيشها العظيم الذي بلغ سبعين ألفا، وحولها معظم وزرائها وحاشيتها. ويبدأ الفصل بنشيد الجند الفاتحين، ثم يحدثها مهنئا صديقها الفيلسوف الإسكندري (لونجينوس) فيذكرها بأن الشعب المصري ذاته رحب بجيشها نظرا للمودة التي بين المصريين والتدمريين، وهي حبيبة إليهم؛ لأنها قريبة (كليوبطرة). ثم يجيء الوزير الأعظم (لورنتياس) مبلغا إياها إجلال الجيش ومحبته وفرحه بالنصر ويستأذن في مثول القائد الأعظم (پيلنيوس) بين يديها، ويجيء هذا فتضع الملكة إكليل الغار المنمق بالغسول على رأسه، ثم تدعوه لأخذ مجلس الشرف بجانب وزيرها الأعظم، ويتبادلون التهاني والتقدير ثم تطلب الملكة من (مرندا) - ابنة كبير الكهنة (ثاديوس) والتي كانت معروفة بأنها تشاطر (پيلنيوس) الحب - بأن تقدم إلى القائد الأعظم (پيلنيوس) رمزا آخر للفخر والمجد هديتها الملكية: وهي سيف مرصع بالجواهر، فتقدمه (مرندا) إلى القائد الأعظم الذي يركع احتراما لتناوله، ثم يقبله ويفيض بنشيد الشكر إلى الملكة، وتحييها الحاشية جميعها أجمل تحية في فرح عظيم، ثم يحين دور حامل العلم فتكرمه الملكة وجميع من معها. وهكذا يمثل هذا الفصل الأول استقبالا فخما، وعرضا للفتح، وتقديرا للجيش المنتصر، وترديدا لأماني (تدمر).
الفصل الثاني
يمثل هذا الفصل بمنظره الفخم «معبد الشمس» بمدينة (تدمر) وقد مر عهد طويل على وقوع حوادث الفصل الأول، وأخذ الرومانيون يحاربون التدمريين بعد أن خافوا من امتداد نفوذهم وأوشكوا أن يشتبكوا معهم في معركة خطيرة حول (أنطاكية). ويبدأ الفصل بصلاة كبرى في المعبد استنجادا على الأعداء، وقد حضرت الملكة وكبار حاشيتها وسراة المدينة وذوو الحيثيات المختلفة فيها نساء ورجالا. وبعد انتهاء الصلاة تعلن الملكة رغبتها في أن تكون بخلوة مع رجال عرشها للمشورة ، فيخرج الحاضرون ما عدا كبير الكهنة والوزير الأعظم والقائد الأعظم والفيلسوف لونجينوس، فتسأل الملكة قائدها الأعظم عما اعتزم أن يفعله إزاء هجوم الرومانيين الخطر، فيجيبها مبالغا في تقدير الخطر مشيرا إلى أسر ولي العهد، ولكنه يعدها ببذل كل قواه لصيانة المملكة ما دامت تمنحه رضاءها، ثم يلمح إلى طمعه في أن يشاركها العرش وأن يغدو زوجها وملك (تدمر) ... ولكنها تتجاهل هذا التلميح وتدعوه إلى الالتحاق بالجيش فورا واستئناف الإشراف على هذا القتال، فيخرج مودعا. ويخطئ الفيلسوف (لونجينوس) في تصوره أن القائد الأعظم (پيلنيوس) مخلص أمين، فيقترح أن يعطى يد (مرندا) بعد عودته ظافرا، حاسبا أنه يسر والدها كبير الكهنة (ثاديوس) بهذا الرأي ... ولكن ثاديوس يقاطعه غاضبا ويرفض هذه المشورة، ثم يفضي بخشيته من (پيلنيوس) وأطماعه، ولكن الملكة في شجاعة وشمم تعلن أن عرشها لشعبها، وأن نفسها ملك نفسها، ويخفف الوزير الأعظم من روعهم، ويتعاهد الجميع على نصرة الوطن.
الفصل الثالث
يمثل المنظر الأول لهذا الفصل «حصن تدمر» قبيل الغروب في مشهد رائع والشمس باعثة بأشعتها الأرجوانية بين صفوف النخيل على الرمال الذهبية والحجارة التاريخية العتيقة، ويبدو رجال الحامية في مواضع متفرقة ومعهم سيوفهم وسهامهم ودروعهم، وتبدو المنجنيقات في مواضع مختلفة من الحصن، وقد زارته (الزباء) على موعد من القائد الأعظم الذي جاء من ميدان القتال بحجة تقوية الدفاع، ولكنه جاء في الواقع ليساوم (الزباء) على الزواج منه حتى يصبح ملك (تدمر) وذلك ثمنا لإنقاذه المملكة من خطر الرومانيين الزاحفين على (تدمر) بعد أن هزموا التدمريين أخيرا في موقعة (حمص) وأخذوا يجتازون القفار والاستحكامات إلى العاصمة. فتعنف الملكة (پيلنيوس) وتذكره بفضل رعايتها وتعتبر مساومته إياها في ساعة الشدة إهانة لها بل خيانة لعرشها، فيحاول تبرير موقفه والدفاع عن نفسه وذكر مآثره على المملكة، ولكن هذا الدفاع يزيدها مقتا له وغضبا عليه، فتطلب منه أن يتركها على أي حال وتعلنه بأنه إذا خانها فستقود بنفسها الجيش ، ولن تلقي السلاح حتى تحرر وطنها من غارة المغيرين ... فيتركها قائدها محتجا. ثم تدعو الحامية وتخاطبهم بحماسة وطنية، فيقسمون بالإخلاص لها والتفاني في الدفاع عن (تدمر)!
ويمثل المنظر الثاني من هذا الفصل مشهدا ريفيا وشاطئ نهر (الفرات) في خلف المسرح وأشعة القمر مرسلة ما بين النخيل وتألق النجوم واضحا في السماء، ويقع هذا المنظر بعد المنظر الأول بأسابيع قليلة، وقد تمكن الرومانيون بقيادة قائدهم (مارسيوس) وبفضل خيانة (پيلنيوس) من اجتياز القفار والاستحكامات المنيعة - بعد موقعة (حمص) - ومن محاصرة (تدمر)، ولكن بعد أن هرب ولي العهد (هبة الله) من الأسر والتحق بجيش العاصمة. وفي هذا المنظر تمثل محاولة (الزباء) الهرب مع ولي عهدها، حيث آنست من الجيش الروماني المحاصر غفلة في إحدى الليالي فهربت ومعها طائفة من خاصتها على خيولهم ومعهم بعض الجند لتدبير الفرار لها ولولي العهد، قاصدة ملك الفرس للالتجاء إليه والاستنجاد به على أعدائها بعد أن كادت المدينة تسقط في أيدي الرومانيين. وفي أول المنظر تبدو الملكة تحت ظلال النخيل في جانب من المسرح ومعها من حاشيتها كبير الكهنة (ثاديوس) والوزير الأعظم (لورنتياس) والفيلسوف (لونجينوس) و(مرندا) ابنة (ثاديوس) وقد آثروا جميعا صحبتها وتوديعها رغم مخاطر الطريق ضمانة لسلامتها. فيتبادلون جميعا العزاء والتشجيع والتأميل والتأسي والسخط على (پيلنيوس) الخائن، ثم التعاهد على التفاني في الدفاع حتى تصل نجدة الفرس المرجوة. وكان ولي العهد ومن معه من الجند قد توجهوا إلى النهر لإعداد القاربين اللازمين للرحلة، ولكنه لا يعود ولا يبعث برسول إليها، ويطول انتظارها فتقلق، وبينما الوزير الأعظم يهدئ من روعها وهي تودع من معها إذ تفاجئهم عساكر الرومان فيؤسرون، وتلمح (الزباء) قائدها الخائن (پيلنيوس) على رأس آسريها فتغضب مشمئزة، وترمي نعلها في وجهه صائحة: «أهذا أنت يا خائن؟!» ... فتسدل الستار العامة فورا.
الفصل الرابع
يمثل هذا الفصل مشهد جانب من ساحة القصر الكبرى بمدينة (رومة) شائقة بعمدها وبناياتها الرائعة، وقد ازدحم أعيان الشعب في المكان المعد لاستقبال الإمبراطور (أورليان) في عربته ماشية أمامها الملكة الأسيرة.
يتبادل الشعب والأشراف والجند هتاف الفرح، ويبدو ركب الإمبراطور وفي مقدمته طائفة من الجند ثم القواد وعلى رؤوسهم الغار وبينهم قائد تدمر الخائن (پيلينوس)، ثم الملكة (الزباء) أسيرة، وعليها سلاسل الذهب والجواهر ماشية أمام عربة الإمبراطور وبجوارها حارسان يسندانها حيث يكاد يغمى عليها من التأثر بالهوان، ثم عربة الإمبراطور يجرها الجند ويحيطون بها، وتقف العربة بعد الظهور على المسرح. يبدي الإمبراطور إشارة التحية فيحييه الجميع بإجلال، ويخاطب أشراف رومة مشيدا بفضل الجيش، ويتلقى باقات الزهر من الشعب تقدمها له نخبة حسان الرمانيات. ويخاطب الإمبراطور (الزباء) معيرا مذكرا بسفاهتها التي جنت عليها، فترد عليه (الزباء) بشمم مخطئة رأيه مظهرة أن أصل الحروب والمتاعب قائدها الخائن (پيلينوس)، الذي كان طامعا في الزواج منها، فلما رفضته عمل على الانتقام منها، وما انضم إلى (رومة) محبة فيها وإنما خيانة (لتدمر)، وهكذا تستثير الإمبراطور فيغضب على (پيلينوس) ويعتبره أصل العداء بين (رومة) و(تدمر) والمسئول عن ضياع الأرواح وخراب ما خرب من بلاد وما أتلف من زرع، فيحكم عليه بالموت ويصفح عن (الزباء) وينزلها ثانيا منزلة المودة والإكرام والسيادة هي وأولادها في ضيافة ملكه. وهكذا تنتصر (الزباء) في أقسى ساعات الهزيمة وتبر بقسمها - قسم الانتقام والتمسك بالشرف والكرامة - إلى أبناء وطنها.
الفصل الأول
(مشهد الشرفة الكبرى للقصر الملكي في مدينة تدمر وقد جلست الزباء على مسمع من مرور بعض الجند العائدين من مصر، بعد أن أتمت فتحها بدون مقاومة بجيشها العظيم الذي بلغ سبعين ألفا، وحولها معظم وزرائها وحاشيتها. ويبدأ الفصل بنشيد الجند الفاتحين، ويراعى تمثيل العمد الضخمة الكثيرة واتساع الشرفة، بينما الجند لا يظهرون، وإن سمع صوت مشيهم ونشيدهم في أقصى خلف المسرح.)
الجند (ينشدون في مشيهم العسكري) :
احكمي! احكمي!
والبثي فاتحه
واغنمي واسلمي
للمنى الصادحه
للعلى والحضاره
للهدى يا مناره!
وانهضي بالشعوب
يا ملاذ الدول
فالشقاء يذوب
إن بذلت الأمل!
للجنود البواسل
للكماة الأماثل!
وقد ظفرنا (بمصر)
مثلما قد أردت
فخرنا أي فخر
طالما قد وددت
فانظري باسمه
والبثي حاكمه!
الزباء (ملكة تدمر) :
يا وزيري الأجل بلغ جنودي
كل شكري من صفو قلب ودود
إن فخري بهم عظيم، ولكن
هو في الحق بعض فخر الجدود
وادع لي القائد الجليل ليحظى
بمثول المبجل المحسود
لورنتياس (الوزير الأعظم) :
إن هذا ليوم عيد وأنس
فاقبلي التهنآت من كل نفس (ينحني احتراما ويخرج.)
حاشية الملكة :
يا لنصر حزته
في جلال
في وفاء
في كرامه!
إن شعبا سسته
لن يذال
أو يساء
في زعامه!
طالما أرشدته
المحال
للعلاء
للإمامه!
لونجينوس (الفيلسوف الإسكندري) :
ما فتحت (مصر) فتحا
كعدو أو خصيم
بل جعلت الفتح منحا
من ندى شعب كريم
لمنى شعب كريم
فيك ذكرى (كيلبطره)
في جلال وقرابه
فامنحي (للنيل) قطره
من رضى تفني اكتئابه
واقبلي الحب الصميم
الملكة :
خير شكر يا صديقي
نصحك الوافي ثمين
أهل (مصر) مثل قومي
ولهم حبي الأمين
ولهم شكري العظيم! (يدخل الوزير الأعظم ويحيي الملكة.)
الوزير الأعظم :
الجيش في فرح عظي
م بابتهاجك يا مليكه
والقائد البطل المجي
ز لك الخضوع بلا شريكه
يهدي إليك تجلة
حتى يشرف بالمثول
وينال إكليلا من ال
غار المنمق بالغسول
1
وينال نظرتك السعي
دة والكفيلة بالسعاده
فينال من شرف الرعا
ية فوق إجلال القياده (يقعد في مجلسه بعد إبداء الاحترام للملكة.)
الملكة :
مرحبا! ومرحبا!
وليزدنا طربا!
قائد بحذقه
نال فتحا عجبا
قد حبانا للعلى
سببا وسببا
الحاشية (مرددة) :
قد حبانا للعلى
سببا وسببا (يدخل القائد الأعظم لجيش الملكة فيقبل طيلسانها في خضوع ثم ينشد.)
پيلنيوس (القائد الأعظم) :
لك الجلال وفضل الفتح مولاتي! (تضع الملكة إكليل الغار المنمق بالغسول على رأسه ثم تدعوه لأخذ مجلس الشرف بجانب وزيرها الأعظم.)
الملكة :
خذ مجلس الشرف العلي
فقد سموت بمجد (تدمر) (يجلس القائد شاكرا.)
القائد الأعظم :
عفوا! فوحيك كان يه
دينا الطريق إلى الفخار
ومن التفاني في الولا
ء إليك ألهمت انتصاري
و(لمصر) فضل العطف عط
ف الأهل قبل شعور جار
فاستقبلتنا في وفا
ء وافترار وافتخار
الحاشية :
أشرقي يا طلعة الشمس البهيه
إنما تحبين آمال البريه
كل ما ألهمت من نصر عظيم
كل ما أنعشت من حب مقيم
إنما الدنيا محياك الوسيم
فاهنئي بالنصر يا نور الرعيه
واقبلي منا التحيات العليه!
الملكة :
يا قائد الجيش الرفيع السنا
قد أنصف الجيش فقر السلام
هنأتك الآن ولكنما
هنئت من قبلي بلمع الحسام
من حاز ما حزت فقد فاته
الهمة الكبرى فكنت الهمام
يا باني التاريخ في ملكنا
قد نلت في الأمة أسمى مقام!
القائد الأعظم :
عفوا فحكمك في النهى
يبقى كما يبقى البها
ما كنت إلا عبدك ال
وافي ولو بلغ السهى
وقد ابتدا بأبيك فخ
ري فاتحا وبك انتهى
فمري فحسبي خدمة
لك دائما أحيا لها
فأعيش محسودا لها
وأدوم مفتونا بها!
الملكة :
قدمي السيف حاليا يا (مرندا)
رمز مجد لمن حبا الملك مجدا
إن تزنه الحلي فالفخر من شع
بي ومني به سنيا تبدى
وجمال لديك يكسبه حس
نا جديدا، ويكسب الحسن حمدا
ويداك اللتان أولى بتقبي
ل تبثان قبلة الشكر ردا
هكذا تشكر الشجاعة والإخ
لاص للموطن العزيز المفدى! (تنهض مرندا حاملة السيف المرصع بالجواهر بكلتا يديها لتقدمه إلى القائد الأعظم الذي يركع احتراما لتناوله.)
مرندا (ابنة كبير الكهنة) :
ربة التاج إن أمرك تش
ريفي وكلي ما عشت طوع لأمرك
وأنا الآن في سرور وفخر
أهب السيف معلنا صدق فخرك
فتقبل يا سيد الجند إعجا
با من العرش والرعايا بقدرك
وخذ السيف ظافرا شارة الذك
رى لنصر، وليبق مرآة نصرك! (يتناول القائد الأعظم السيف ويقبله، ثم ينشد هذا الشعر التالي قبل الجلوس وتعود مرندا إلى مجلسها.)
القائد الأعظم :
بوركت يا مولاتي
وبقيت نور حياتي
ضاعفت نصري هكذا
برضاك يا مولاتي! (تدخل ثلاث جوار حسان في ثياب راقصات من كل من جانبي المرقص ويرقصن نحو خمس دقائق على نغم النشيد الآتي الذي تنشده الحاشية.)
الحاشية :
أسعدتنا فدعي قلبي
خالي الذنب يبدي نجواه
وزدتنا بعد الحرب
بأسا يسبي من لا يخشاه
فلك الحمد
ولك الحب!
الملك بالرأي السامي
ثم الأجناد
فتحت من قبل حسام
بحجى وقاد
كونت شعبا يهواك
لن ينساك
يرعاك حب رعاياك
لو أرضاك
يا زينة العرش الزاهي
يا شبه ملاك
ذكراك راح الأفواه
ومنى الأفلاك
عيشي لنا دهرا حرا
عيش الإحسان
واستقبلي منا شكرا
ملء الوجدان
وسامحي تكرار هوى
يحلو ويطيب
من كل قلب عرف منى
ووفاء حبيب
أسعدتنا فدعي قلبي
خالي الذنب يبدي نجواه
وزدتنا بعد الحرب
بأسا يسبي من لا يخشاه
فلك الحمد
ولك الحب! (تخرج الراقصات من المسرح بانتظام كما دخلن وهن يرقصن الرقصة الأخيرة.)
ثاديوس (رئيس الكهنة مخاطبا الملكة) :
أستمد الثناء للعرش منك
حلية التاج وحي نفسك تلك
أنت إلهام خاطري وعبادا
تي إلى (الشمس) ثم نجواي عنك
سأقيم الصلاة في المعبد الضا
حي، فعيشي منار دين وملك
أنت أهل للشكر في منزل ال
دين، فقد دمت مثله فوق شك!
لونجينوس (الفيلسوف الإسكندري) :
بعد هذا الفتح من حق العلم
أن يحيا منك محسود الجلال
فانظري للجيش يا شمس العيون
نظرة تجزيه كالكنز المصون
نظرة تعطيه ما تعطي الفنون
من خلود بعد أن لاقى المنون
بتفان في قتال وشمم
أو تفان في اكتساب للرجال
فاغتدت (مصر) لنا كالجوهره
والتقينا والأماني النيره
واعتلينا للمعالي لا الشره
وغدونا أمة منتصره
تنظر الدنيا إليها والأمم
نظرة الإعجاب حقا بالفعال!
الملكة :
فليجئ إذن
حامل العلم
إن رمزه
سيد القسم
وحيه لنا
طالما ابتسم
وهو دائما
بالعلى اتسم
الحاشية (مرددة) :
فليجئ إذن
حامل العلم (يدخل حامل علم الدولة وقد رفعه قريبا من الملكة، فتقف الملكة إجلالا له وكذلك جميع الجالسين من حاشيتها.)
حامل العلم (راكعا على ركبته اليمنى وماسكا العلم) :
وديعتي الشرف المستودع العلما
ذكرا يدوم، وتشجيعا لمن علما
وديعتي مثلت عرشا وربته
وأمة أدهشت في فتحها الأمما
فاستقبليه وفيا عاد مبتسما
بالنصر حرا كما قد راح مبتسما
الملكة :
هكذا هكذا تصان الأمانه
يخدم الجند هكذا أوطانه!
القائد الأعظم :
باسم جيش المليكة الشكر أهدي
ه قرينا لمستحب الخضوع
كلنا في الوغى يمثل أعلا
ما تناجيك دائما في خشوع!
كلنا كان حامل الشرف العا
لي بذكراك والمنى والربوع
فاملكي فخر عسكر (تدمري)
مستعز بحبك المطبوع (تقبل الملكة العلم ثم تجلس فيجلس من قام معها من الحاشية، بينما يرتل تبعها النشيد الآتي وتدخل الراقصات على النظام السابق من جانبي المسرح متابعات النشيد يرقصن نحو خمس دقائق.)
الحاشية :
الحسن في الدنيا سلطان
والعقل سلطان ثان
وأنت يا زين التيجان
لديك عزز الاثنان
عقل وحسن روحاني!
الناس قد ولدوا أحرار
فيم الخضوع لحكم ملوك
أما احتكامك فهو فخار
فخر العدالة دون شكوك
نور وإصلاح بان!
فاستقبلي منا حبا
والحب درة كل حبيب
في الجسم يودعها قلبا
في النشر مثل العرف تطيب
روحا ولذة وجدان!
عيشي و(تدمر) في تكريم
عيش العلى والحريه
وأحيي مفاخر كل عظيم
وابني صروح المدنيه
وابني رجاء الإنسان!
وسامحي طربا جما
في حضرة الحسن الفتان
فالزهر يسكرنا شما
حينا ويفتننا أحيان
وما عرفت بحرمان! (تسدل الستارة العامة في ختام النشيد.)
الفصل الثاني
(يمثل هذا المنظر الفخم «معبد الشمس» وقد مر عهد طويل على وقوع حوادث الفصل الأول وأخذ الرومانيون يحاربون التدمريين بعد أن خافوا من امتداد نفوذهم وأوشكوا أن يشتبكوا معهم في معركة خطيرة حول أنطاكية. وهذا المشهد لصلاة كبرى في «معبد الشمس» استنجادا على الأعداء، وقد حضرت الملكة وكبار حاشيتها وسراة المدينة وذوو الحيثيات المختلفة فيها نساء ورجالا. وهذا المعبد أو الهيكل جامع لأروع النقوش الرمزية الدينية لعبادة الشمس، وقد وقف كبير الكهنة أمام المذبح وحوله أتباعه والمرتلات والمرتلون، وجلست الملكة وكبير وزرائها والفيلسوف لونجينوس وقائدها الأعظم، وجلس أعيان المملكة على الجانبين في صفين متقابلين، ويراعى إظهار رسم كبير مذهب للشمس على صدر الحائط الخلفي نافذة منه الأشعة الأرجوانية كما يوضع موقد للبخور مضاء بالنور الأحمر بالقرب من المذبح.)
المرتلون والمرتلات : (الشمس) حياة الأيام
وحياة الناس وإن ضلوا
وملاذ عزيز الأحلام
للخلق، يدين لها (العقل)
ما (الكون) إذا (الشمس) انقرضت
لا شيء، وحاشا أن تفنى
خلقت (دنيا) وحبت (أخرى)
وكفت حسنا وزهت حسنا
في الصفو نناجيها أملا
في الهم نناشدها العونا
نستوحي الحكمة والعملا
منها، ونرد لها الدينا
كبير الكهنة (دعاء ) :
امنحي النور والهداية حتى
نبصر الحق والصواب الحكيما
ربة الكون أنت أيتها (الشم
س) فأعطي النفوس خيرا عميما
وانشري السلم فالحروب وبال
تنشر العسف والخراب الجسيما
أنت نور الأنوار، أنت هدى ال
إصلاح، ندعوك أن تردي الأثيما
وانصري شعبك الذي عاش بالإخ
لاص، لا تتركيه يشقى غريما
المرتلات والمرتلون وجميع الحاضرين (صلاة عامة في ركوع وخشوع) :
يا إله الضياء
يا إله الحياه
يا شعاع الخلود
ألهمينا الرجاء
ألهمينا النجاه
من عدو لدود
منك سر البقاء
للحماة الكماء
يا حياة الجنود
عندك الالتجاء
أنت أنت الإله
الرحيم الودود
كبير الكهنة :
بوركت هذه الصلاة وبورك
تم بخير برغم كل عدو
قوة الشعب في اليقين وليست
قوة الشعب من ضلال العتو
نحن شعب الشباب ما شاخ كالخص
م، ولكنه قرين النمو
يترامى فنرتقي نحن بالرغ
م ونبقى حياتنا في سمو! (تنهض الملكة وينهض الجميع إثرها.)
الملكة :
الآن أرجو خلوة
برجال عرشي للمشوره (يخرج جميع الحاضرين بعد إبداء الاحترام للملكة، ويبقى معها كبير الكهنة والوزير الأعظم والقائد الأعظم والفيلسوف لونجينوس، وينشد الآخرون أثناء الخروج بانتظام النشيد الآتي.)
الخارجات والخارجون من المعبد :
جل هذا الدعاء
والصلاة الوفيه
للإله المنير
مستعزا
إنما الاحتماء
للنفوس الأبيه
في علاه الكبير
دام حرزا
للنفوس الأبيه
نفتدي بالحياه (تدمر) الغاليه
نفتدي بالحياه
في تفان
لن نذل الجباه
للقوى العاتيه
لن نذل الجباه
طوع جان
للقوى العاتيه!
الملكة (جالسة وقد وقف تجاهها في احترام من بقي معها) :
بعد الذي حدثتني فيما مضى
ما الرأي (پيلنيوس)؟
1
ماذا يرتجى؟
ما دام (مارسيوس)
2
يبغي هدمنا
والجند مرتد فعقبانا الدجى؟
ما قوة (الرومان) لهوا ... إنها
ويل ... فهل أعددت منها مخرجا
هذا أوان للشجاعة كلها
والعزم والجهد المضاعف والحجى
إن فات رأيك أو جهادك لم نجد
رأيا ولا جهدا مغيثا منتجا!
پيلنيوس (القائد الأعظم) :
هذا ولي العهد مأ
سور وقد حم القضاء
وعدونا في زحفه
ملك المسالك والفضاء
لكنني ما زلت أر
جو أن يحل به العناء
وأصون ملكك من فنا
ء والبلاد من البلاء
وجميع سؤلي أن أجا
ب لما سألت من الرضاء
الملكة :
أنت لي عدة وموضع إكبا
ري فأهل إذن لكل رضائي
أنت عنوان قوة الجيش غلا
با فعش سيدا كبير المضاء
القائد الأعظم :
إن سؤلي الحياة في شرف العر
ش ... ... ...
الملكة (مقاطعة) : ... ... ... ...
لقد حزت كل فخر لعرشي
فاذهب الآن للوغى ناصر (الشم
س) فتحمي البلاد من كل بطش
القائد الأعظم (يركع ويقبل يدها ثم ينشد) :
آن الوداع إذن ... فيا توديعي
كن لي على بعدي أبر شفيع
هذا دمي سيراق في ساح الوغى
شرفا، فعيشي تاج كل رفيع
ولديك أعوان شهود، كلهم
واف لذكر عواطفي وصنيعي (ينحني احتراما للجميع ثم يخرج بعد الاستماع لنشيد التوديع الآتي.)
الجميع :
سر للدفاع عن الكرا
مة والحضارة والمفاخر
واحفظ (لتدمر) مجدها
من ذلك العادي المكابر
فحجاك يوم الروع قاهر! (يسمع هذا النشيد خارج المسرح.)
الحاشية (خارج المعبد) :
هكذا هكذا
الجريء الشجاع
فلتنل ما تشاء
يا حليف الظفر
ولتعد في جلال!
ولتعد في جلال!
لن يصيب الأذى
الرئيس المطاع
الشريف الإباء
الحليف القدر
العديم المثال!
يا عظيم المآل!
الفيلسوف لونجينوس :
بإذنك مولاتي أرى خير نعمة
لتهدى (لپيلنيوس) إن عاد ظافرا
بدا (لمرندا) ...
كبير الكهنة (غاضبا) : ... حسبك الآن لا تزد
ولا تك في هذي المشورة عاثرا
وكم لك رأي رده الحلم فلنضع
لنصحك حدا، واترك النصح ساخرا!
الملكة :
أي ذنب جناه يا (ثاديوس)؟!
إنما الحب ما تعز النفوس
و(مرندا) تحب طلعة (پيلنيو
س) حبا، كذاك (پيلنيوس)
لم يسئك الصديق في نصحه ه
ذا، ففيم الملام يا (ثاديوس)؟!
الفيلسوف لونجيوس :
حسبي شهادتك الكريمة هذه
ما رمت إلا الود والتقديرا
أيلام من بذل المحبة ناصحا
ويعد من نشر الخداع قديرا؟!
كبير الكهنة :
ما الذنب ذنبي بلوم
الذنب ذنب صديقي
فكم أشار برأي
أدى لضيق وضيق
وحسبنا الحرب هذي ... ... ... ...
الفيلسوف لونجينوس (متعجبا عاتبا) : ... ... ... ...
ماذا؟ أهذا حقيقي؟
فيم الغلو بعذل
وأنت دوما رفيقي؟!
فما نصحت وحيدا
في النصح، أو في طريقي!
3
الملكة (عاذلة ناصحة) :
أنتما (فرقدان) للملك فليب
ق على الملك من هدى (الفرقدين)
ووزيري الأجل (كالقمر) النا
شر (للشمس) نورها رغم بين
هكذا أنتمو الثلاثة أضوا
ء حياة وقوة ثم عون
فدعوا مسلك التنابذ بينا خصمنا
غالب، وكونوا لصون
كبير الكهنة :
يا ربة التاج عفوا
فما أردت الإساءه
وألف شكر لشكر
فأنت أصل الإضاءه
الوزير الأعظم :
باسم المليكة قل ما شئت وانبينا
عما أهاجك يا من عدها دينا
كبير الكهنة :
بأمرك الآن أروي خشيتي وجلا
من قائد ماكر بالخبث يلهينا!
الجميع (في دهشة) :
ماذا تقول؟
كبير الكهنة : ... نعم! بالخبث يلهينا
ويترك الخصم غلابا فيفنينا
وقد سمعت له تلميح مجترئ
يهوى من العرش حظ المرتجى فينا
فيصبح الملك القهار في وطن
قد صان ملكك عهد الحب بل دينا
الجميع (في تعجب) :
ماذا تقول؟!
كبير الكهنة : ... سيبدي يوم حاجتنا
إليه ما كان يخفيه فيشقينا ...
أما فتاتي فلن أرضى محبتها
له وقد بات خداعا يراضينا
وقد تحين أحايين يهددنا
بحيلة الخائن الجاني فيردينا!
الملكة (متظاهرة بالدهشة) :
حيرتني أي حيره!
ماذا! أينشد ضيره؟!
هل جن أم باع مجدي
إلى عدوي الألد؟
أم حن جهلا لأصله؟
إذن فحكمي بقتله!
بئس الجنيب الدخيل
إذا عداه الجميل!
أما فؤادي وعرشي
فملك شعبي ونعشي!
أظل ربة نفسي
حتى يكفن حسي!
ويل له من خؤون
ومن أصيل الجنون
دمي فداء لقومي
ولن أذال بيوم!
الوزير الأعظم :
خففي عنك! بعض هذا فإني
لا أرى الخوف هكذا أس حكمه
حسبك اليوم يا مليكة أنا
حولك اليوم: حزمنا حزم أمه!
الفيلسوف لونجينوس :
وأنا كذلك لن أدي
ن إلى الخيال والانزعاج
يكفي التعاون باحترا
س في حمى عرش وتاج
ومن المليكة قدوة
للشعب إن عم الخطر
تذكي شجاعتها الجبا
ن وتلهم الجهد الحجر! (تنهض فيقف الحاضرون.)
الملكة :
إذن فلا تيأسوا
إذن فقولوا معي (ينشدون جميعا مع الملكة البيتين التاليين.)
حياتنا للوغى
للموطن الموجع!
هيهات أن يعتلي
الظالم المدعي!
الحاشية (يسمع هذا الترديد في الخارج بينما الملكة ومن معها متجهون إلى باب المعبد للخروج) :
حياتنا للوغى
للموطن الموجع!
هيهات أن يعتلي
الظالم المدعي! (ثم تسدل الستارة العامة فورا.)
الفصل الثالث
المنظر الأول
حصن تدمر (يمثل المنظر حصن تدمر قبيل الغروب في مشهد رائع والشمس باعثة بأشعتها الأرجوانية بين صفوف النخيل على الرمال الذهبية والحجارة التاريخية العتيقة، ويبدو رجال الحامية في مواضع متفرقة ومعهم سيوفهم وسهامهم ودروعهم، وتبدو المنجنيقات في مواضع مختلفة من الحصن. وقد زارته الزباء على موعد من القائد الأعظم الذي جاء من ميدان القتال بحجة تقوية الدفاع، ولكنه جاء في الواقع ليساوم الزباء على التزوج منه حتى يصبح ملك تدمر، وذلك ثمنا لإنقاذ المملكة من خطر الرومانيين الزاحفين على تدمر بعد أن هزموا التدمريين أخيرا في موقعة حمص، وبعد أن أخذوا يجتازون القفار والاستحكامات إلى العاصمة.)
الملكة :
ماذا؟ أتنسى أنت فضل رعايتي
وتخون عرشي في مقام جلاد؟!
أكذا الشجاعة والشهامة والحجى
أكذا تكون قيادة القواد؟!
أعددت لي وطنا غريبا عنك لم
تخدمه حين نسيت حق بلادي؟!
ماذا تركت لخاذلي أوطانهم
جبنا بيوم كريهة وتناد؟!
القائد الأعظم :
ما بين أمس مضى ويوم آت
الحرب لا تعنو أمام حياة
حصدت مئات للنفوس وما ونت
ولسوف تتبعها بحصد مئات
وأنا الذي دافعت عنك مجاهدا
أسمى وأكرم من دفاع كماة
أحببتك الحب الذي لا ينتهي
برعاية أو دعوة وصلاة
وسعيت خلف المستحيل ولم أنم
في هول معركة وسيل ممات
أجزاء مثلي أن يعير هكذا
بشجاعة وصلابة وثبات؟!
الملكة :
ليس هذا من دفاع فادكر
ما أصاب الجيش من بعد انهزام
كيف تأتي كجبان لم يقر
لحظة في الحرب من هول الصدام
إنما الجندي في ساح القتال
يبذل الروح لأوطان تعاني
ليس من يفخر في وقت الملال
ليس من يهرب جبنا للأمان
كيف ترجو أن تحيا بالجلال
وبقايا الجيش تزجى للهوان؟!
ثم تأتي طالبا مني المحال
حاسبا أني أضحي لجبان!
إن عرشي ملك قومي وحدهم
ثم نفسي ملك نفسي لا الحسام!
القائد الأعظم :
أتردين هكذا سؤلي الحق
وتنسين كل ما قد بذلت؟
كل ما قد سألت أن أغتدي إل
فك ... والعدل هكذا ما سألت!
تتناسين ساعة الخطر الدا
هم ... لا تذكرين ما قد كفلت
الملكة :
برغمي أنك من ينفع
ومن يدفع الخطب أو يمنع!
فهل لك من عودة للجها
د فتكرمك العين والمسمع
وتغدو أميرا بحب النفوس
وهل بعد حب الورى مطمع؟!
القائد الأعظم :
نسيت حبي فخلي
عذلي، ففي العذل قتلي!
وسامحيني وعودي
إلى الرضى والتجلي
أكان هذا كثيرا
على وفائي وعقلي؟!
فإن رضيت فإني
سأجعل النصر شغلي
الملكة (غاضبة) :
أتساوم أنت على عرشي
وتعاف الحرب بلا ثمن؟!
فاذهب إن شئت ولا تذهب
إن خنت، فكلي للوطن!
سأطيل الحرب بلا وهن
ويلا للباغي الممتحن!
وأقود بنفسي جيش أبي
للنصر على رغم الزمن
القائد الأعظم :
أكذا تغضبين؟!
الملكة : ... اذهب ودعني
لست من تشترى بتهديد ماكر
القائد الأعظم (عاتبا محتجا) :
قد تماديت ربة التاج في اللو
م، وقد كان كل لومك ظلما
وتناسيت كل فضلي وجهدي
فعلى الحرب أن تسجل حكما! (ينحني القائد الأعظم احتراما للملكة ثم يتركها في شبه غضب.)
الملكة :
أيها الجند! ... (يقبل أمام الملكة من جوانب الحصن عدد وافر من الجند في زيهم الحربي.)
الجند :
إن أمرك طاعه ...
ربة العرش والسنا والمناعه!
1
الملكة :
من دان منكم بحبي؟
الجند : ... ... ... ...
جميعنا من يدين!
الملكة :
أتبذلون لنصري؟
الجند : ... ... ... ...
هيهات فينا الضنين! (متحمسين.)
جميعنا من يضحي
فما يعز الثمين
فأنت ملك وكنز
وأنت تاج ودين!
الملكة (مشيرة إلى بعد خارج الحصن) :
هذا العدو أتى يحاصر (تدمرا)
من بعد ما اكتسح المدائن والقرى!
الجند :
سنريق خير دمائنا لدفاعنا
عنها بلا وهن، ولن نتقهقرا!
وإذا التجأنا للقلاع فإننا
كالأسد جاثمة لتقتحم الذرى!
الملكة (تشهر سيفها) :
أقسموا أقسموا بسيف البطوله
وانبذوا الخائن العديم الرجوله!
الجند (يشهرون سيوفهم ويوجهونها نحو سيف الملكة) :
قسما بسناك ودولته
والمجد وموطننا العالي
سندافع عنك بلا وهن
كالجنة قبل الأبطال
نفديك بأرواح خلقت
لتصون محياك الغالي
ونخط بأسياف كرمت
تاريخ كريم الأجيال
ونصون لأحفاد عبرا
وفخارا يتلوه التالي! (تنزل الستارة الداخلية لفترة قصيرة استعدادا للمنظر الثاني.)
المنظر الثاني (مشهد ريفي في الليل وشاطئ نهر الفرات في خلف المسرح، وأشعة القمر مرسلة ما بين النخيل، وتألق النجوم واضح في السماء، ويقع هذا المنظر بعد المنظر الأول بأسابيع قليلة ، وقد تمكن الرومانيون بقيادة قائدهم مارسيوس وبفضل خيانة پيلينوس من اجتياز القفار والاستحكامات المنيعة - بعد موقعة حمص - ومن محاصرة تدمر، ولكن بعد أن هرب ولي العهد - هبة الله - من الأسر والتحق بجيش العاصمة، وفي هذا المشهد تمثل محاولة الزباء الهرب مع ولي العهد إلى ملك الفرس للالتجاء إليه والاستنجاد به على أعدائها، بعد أن كادت المدينة تسقط في أيدي الرومانيين، ثم استطاعة الرومانيين اللحاق بهما وأسرهما، وقد كان لمرندا الفضل الأول في محاولة تهريبهما بعد أن أيقنت خيانة پيلنيوس لها في حبها ثم خيانته للملكة وللشعب.)
الملكة (تظهر تحت النخيل في جانب المسرح ومعها من حاشيتها كبير الكهنة ثاديوس) :
ما علينا الآن إلا
وقفة تحت النخيل
في ارتقاب للرحيل!
الوزير الأعظم :
بالرغم منا يا ملي
كة أن تسيري لاغتراب
لكن لعل (الفرس) تن
جدنا على هذا المصاب
كبير الكهنة :
هكذا حكمة المقادير شاءت
والذي كنت خاشيا قد تحقق
وكفانا من الثبات رجاء
لك والعرش والولاء المحقق
الفيلسوف لونجينوس :
دعانا من الآلام ولندع بالهدى
وبالفوز في المسعى لصاحبة التاج
نجاة لها تكفي نجاة لملكنا
متى رجعت في عسكر بين أفواج
فتكشف عن أوطاننا غمة العدى
كما يثأر الإصباح من خصمه الداجي!
مرندا :
أما أنا فالصفح أط
لب منك حتى تصفحي
لولاي (پيلنيوس) لم
ينجح ولم يتبجح
أخلصته حبي فما
أبقى ولما يستحي
وقضى على أمل البلا
د وقادها للمذبح!
الملكة :
ما مضى ولى وحسبي
أن أغيث اليوم شعبي
أنا لا أمضي هروبا
ربما أمضي لخطب
غير أن السعي أجدى
من سكون يوم حرب
ليس لي ذنب بهذا
إنما الإخلاص ذنبي
الوزير الأعظم :
سوف لا ينساك شعب لن يحيد
عن ولائه
لا ولا أن يرتضي حظ العبيد
في سمائه
اقصدي يا كوكب التاج العزيز
دون لوم
سيد (الفرس) فهيهات يجيز
نشر ضيم
قد غدا (الرومان) أشباه الجراد
في خراب
واستحلوا كل أنواع الفساد
والعذاب
اذهبي بالرغم منا ولتكوني
بين أهل
نحن من يؤثر أنواع المنون
قبل ذل
كبير الكهنة :
إنما نحن وحدة أنت منها
مركز ثابت عزيز المقام
إن تسئنا الأيام درنا وما زل
نا نناجيك لا رضى الأيام
والخؤون الذي أساء إلينا
سوف يلقى جزاءه بالحسام
نحن شعب أساس نهضته الصب
ر، وبالصبر يرتقي كل سام
جهدنا أصله اليقين فما نعب
بأ بالدهر أو أذى الظلام!
الفيلسوف لونجينوس :
العروش والأمم
تبتنى وتنهدم
لا تعيش خالدة
حين فاتها الشمم
موطن لنصرته
أنت ليس ينهزم
قد حفظت همته
حين ضاعت الهمم
مرندا :
وقفت عليك أحلامي وقلبي
وكم عشقتك أحلام النساء
وكنت أسأت في ظني بحبي
فألهمت الكريم من العزاء
سنحفظ ذكرك الباقي ونحيا
حياة المؤمنات على رجاء
ونرتقب اقتراب غد لثأر
يعيد التاج في أسمى بهاء
الملكة :
ماذا جرى والجند لما يحضروا
أترى كشفنا أم أضل العسكر
الوزير الأعظم :
هم والأمير يهيئو
ن القاربين على نظام
ولسوف يأتي جمعهم
في فترة للإغتنام (يسمع صوت خيل على نغم موسيقى لفترة صغيرة.)
الملكة :
والآن قبل وداعكم أحيي هنا
عهدي بأن أشقى ولا أنسى المنى
وأذيق من باع الأمانة عابثا
بالموطن الغالي الشقاوة والعنا
أودعتكم أهلي وخير عواطفي
وأبيت أن أجني على وطني أنا
حاشا لي التسليم أو هرب به
عار، ولكني رحلت عن الدنى
وتركت شعبا مؤمنا برجاحتي
سل السيوف الهاجرات الأجفنا
فإذا ظفرت ملكت كل عظيمة
وإذا فشلت فما حرمت من السنا
والشعب لا يهوي شقيا بينما
التاج لا ينسى الكرامة ديدنا
فزنوا مواقفكم وكونوا قدوة
للناس ... إن الناس قدوتهم بنا
يا ويل شعب عاش وهو مضلل
بالقائدين فما تقدم مؤمنا
نور الرجاء بكم فلا تتهاونوا
أو تحسبوا حكم الممالك هينا!
الجميع :
اطمئني يا مليكه!
اطمئني اطمئني!
عساكر الرومان (تسمع عن بعد أصواتهم ثم تقترب تدريجيا وقد عرفوا هرب الملكة وولي عهدها، فهبوا لمطاردتها ومن معها، ويقودهم قائدها الخائن پيلنيوس) :
قفوا! قفوا!
لا تسرفوا!
أولى بكم
أن تشرفوا
2
عن بحثنا
لن تختفوا!
الملكة (في ثبات) :
حكم القضاء ولا مرد لحكمه
لكن لي أملا يعيش كبيرا
أملي بشعبي ...
حاشية الملكة (في اضطراب) : ... واجب أن تختفي
الملكة (في ثبات وأنفة) : ... ... ... ...
كلا! فقدري ما يزال قديرا
أنا لا أهاب ولن أكون أسيرة
للجبن ... بل أذر الغشوم
3
أسيرا
هاتي الصواعق يا سماء فإنني
أهل لقلب لن يراع صغيرا! (يدخل عدد كبير مسرع من الجند الروماني بقيادة قائدها الخائن پيلنيوس ويلتفون في دائرة واسعة حول الملكة ومن معها إلا من جهة النظارة.)
عساكر الرومان :
سلموا سيوفكم!
سلموا سيوفكم!
حاشية الملكة (وقد شهروا السيوف وحاولوا التصدر دفاعا عن الملكة ومرندا) :
تحيا (تدمر)!
تحيا الملكه!
الملكة (في غضب واشمئزاز رامية نعلها في وجه پيلنيوس قائدها الخائن) :
أهذا أنت يا خائن؟! (فتسدل الستار العامة فورا.)
الفصل الرابع
(مشهد جانب ساحة النصر الكبرى بمدينة رومة شائقة بعمدها وبناياتها الرائعة، وقد ازدحم أعيان الشعب في المكان المعد لاستقبال الإمبراطور (أورليان) في عربته ماشية أمامها الملكة الأسيرة.)
الشعب (أصوات مترددة خلف المسرح من بعد وقرب) :
عاشت (رومة)!
عاشت (رومه)! (ثم يمر عدد منه رجالا ونساء في مرح ويرقص الجميع على قطعة مطربة تعزفها الأركسترا نحو خمس دقائق، ثم يسيرون في طريقهم فيتركون المسرح من الجانب الآخر.) (الماثلون أمام النظارة في هذا المشهد) : (رومة) اعتلي
ركنك العلي
وافرحي بما
حزت واحفلي
نصرنا عدا
كل مأمل
زان صيته
كل محفل
وبدا سنا
كل هيكل (رومة) اعتلي (رومة) اعتلي
الجند (وتسمع أصواتهم خارج المسرح وهم مقبلون في ركب ينشدون هذا النشيد) :
احكمي يا (رومة) حكم العلى
وانشري الذكر عزيزا في الملا
والبثي للمعجزات موئلا
وافتحي الدنيا وعيشي مثلا
للحياة والمعالي والفخار
للزعامه! للحضاره! •••
اقبلي اليوم تحيات الجنود
وامنحيهم نور مرآك الودود
قد أعادوا بالوغى حق الجدود
وأدالوا كل مفتون حسود
بالثبات والفعال وانتصار
للكرامه! للجداره! (يدخل ركب الإمبراطور وفي مقدمته طائفة من الجند ثم القواد وعلى رؤوسهم الغار، وبينهم قائد تدمر الخائن پيلنيوس، ثم الملكة الزباء أسيرة وعليها سلاسل الذهب والجواهر، ماشية أمام عربة الإمبراطور، وبجوارها حارسان يسندانها حيث يكاد يغمى عليها من التأثر بالهوان، ثم عربة الإمبراطور يجرها الجند ويحيطون بها، وتقف العربة بعد الظهور على المسرح .)
الإمبراطور (أورليان) (يبدي إشارة التحية الرومانية فيحييه الجميع باحترام كذلك ويخاطب أشراف رومة) :
فتحنا (تدمر) الفتح العظيما
وأسسنا بها حكما حكيما
وهذا عرشها يهوى عديما
فحيوا جندكم ... لا شك فيما
حبونا من عظيم الانتصار!
الأشراف :
ألا يا أيها الملك العظيم
تقبل قبلهم حبا يقيم
فمنك تدفق الفضل العميم
ومنك العزم والرأي السليم
فعش واسلم (لرومة) في ازدهار!
وأنتم أيها الأجناد أنتم
رجاء الشعب، فليكرمه منكم
وفاء لن يغيب قط عنكم
وأهلا بالبسالة يوم صنتم
لنا علما ولم تقفوا لعار!
الجند :
شكرنا فخركم هذا بفخر
فنحن حماة موطننا الأعز
نسير لنصره في كل مصر
فمن نصر له نمضي لنصر
ونرجع بين أضواء النهار!
الشعب (أصوات مترددة خلف المسرح عن بعد وقرب) :
تحيا (رومة)
تحيا (رومة)
حسان الرومان (تدخل ثلاث حسان رومانيات حاملات باقات الزهر من الشعب إلى الإمبراطور، وينشدن ثم يرقصن بعد ذلك على نشيد الجمع) :
قد بعثنا بالتحايا
ملء باقات نديه
فاقبل الحب الموافي
يا مليكا للرعيه
واغتبط بين التهاني
والأناشيد الهنيه
إنما قد حزت نصرا
هز أعلام البريه
كم رقصنا وشربنا
بالكئوس الذهبيه
فلندم للنصر رمزا
ولتعش للمدنيه!
الإمبراطور (متناولا الباقات وواضعها في عربته ومقبلا رؤوس تلك الحسان) :
أهلا بباقات شعبي
وبالتحايا الجميله!
نبيلة في شعور
وبالثغور النبيله!
ارقصن يا فاتنات
رقص الأماني الجليله!
الجميع (ينشد الرومانيون هذا النشيد لإطراب الإمبراطور بينما ترقص الحسان) :
يا (رومة) استمعي الألحان
في حب شعبك مفتونا
بحفظ عهدك!
إنا وهبناك الوجدان
فما وهبنا مغبونا
بفضل قصدك!
تبقين أنت مدى الأزمان
فالمجد يبقى مرهونا
بمثل جهدك!
ما عاش شعب بعد توان
بل صار ميتا مدفونا
عيشي لمجدك! (ثم تحيي الحسان الإمبراطور باحترام وتغادرن المسرح.)
الإمبراطور (مخاطبا الزباء وقد تمالكت نفسها) :
والآن يا من جنت ذلا بما صنعت
ماذا اكتسبت بهذا الذل ألوانا؟!
ضيعت ملكا كما ضيعت سابقة
من المودة قد راعتك أزمانا
الزباء :
أنت أخطأت عند ظنك هذا
إن مثلي تجل عن أن تذلا
لي جسم أسير روحي، وروحي
دائما تسكن المكان الأجلا! (يظهر الحاضرون دهشة لكبريائها.)
الإمبراطور :
أتظلين في الغرور؟ ... ... ... ... إلاما؟!
الزباء (في تأثر تنشد دفاعها) :
إن كنت قد أوهمت ذاك جزائي
فلقد جهلت العدل دون مراء!
أنا من حفظت لك الوداد فما دهى
ذاك الوداد وكنت رمز إخائي؟
سائل شعورك ثم سائل خائنا
كم ظل يعمل في سبيل عداء! (مشيرة إلى قائدها الخائن پيلنيوس بينما هو في حيرة واضطراب.)
كم حضني ودعا لثورة غاشم
وحروب أهواء صباح مساء
فنهرته فازداد غيا، عاملا
للحرب ثم الفتنة الشعواء
لولاه ما عرف التباغض موضعا
منا ولا بتنا أمام بلاء
إن كان صاحبكم فليس لصحبة
ما حب (رومة) عنده بجزاء
بل رغبة في الانتقام لأنني
لم أرضه زوجا فخان ندائي
من كان ينقض هكذا عهد العلى
أولى به موت الخبيث الداء
أينال (أورليان) مني هكذا
متناسيا ودي وطول وفائي؟!
ويفوته ضرب الخؤون المعتدي
بالسيف، وهو مخادع ومرائي
من خان أمته فليس لمثله
شرف ولا حق لدى الأعداء!
الإمبراطور (غاضبا) :
أصحيح ما قلته عنه؟ ... إني
لم أكن مخطئا إذن عند ظني
أخرجوه! ... أجل! ... فلست براض
عن جبان مخادع شاء غبني (يقبض عليه جنديان ويخرجانه من بين القواد وهو في اضطراب والقواد يتهامسون في دهشة.)
الجند :
قل دفاعك
قل دفاعك
القائد پيلنيوس (في وجل محتجا) :
ماذا؟! أليس تحايلي ومحبتي - برا (برومة) - سر كل نجاحها؟!
سيفي تقدم سيف كل مجند
منها، ورأيي كان رشد سلاحها!
هل كان يغني جيشها بمآزق
لولاي ما خضعت إلى مجتاحها؟!
الجند وقوادهم :
جهلا تمن علينا
ونحن أبناء (رومه)
الوارثون الشجاعه
إن طبت نفسا وعينا
فأنت أصل الخصومه
وداء ملك أضاعه
الإمبراطور (غاضبا) :
أنت يا من أساء عمدا لتاجه
وعرفنا الحروب من إنتاجه
سوف نجزيك بالنضار ولكن
ذائبا شاربا كفاء احتياجه
1
نحن أشراف هذه الأرض نأبى
عزة للخؤون رغم احتجاجه
كل نفع بذلته ليس نفعا
يا خؤونا فخاره في اعوجاجه (يجره بعض الجند إلى خارج المسرح.)
القائد پيلنيوس (مستغيثا ) : ... ... ... ... يا مليكي!
الإمبراطور : ... ... ... ... ... خسئت! لا ترجعوه
إن قطع اللسان أولى بجان
مثل هذا الذي تدنس فوه
هد ملكا وخان عرشا وأودى
بنفوس منا ومنها ذووه! (يذهب به حراسه.)
القائد پيلنيوس (يسمع صوته خارج المسرح متضائلا) :
خانني الدهر ... ومن قد ظنه
خائنا من بعد ذاك الانتصار؟!
بئست الدنيا التي كم خادعت
ثم جازت من يجاريها بنار
الزباء (متأثرة شاكرة) :
ثأرت لعزتي إلا بقايا
ولكن قد قضيت على جوايا
ولست أهاب موتي بعد هذا
فبعد الثأر في موتي رضايا!
وما ذل الملوك بهدم ملك
ولكن كلما صاروا ضحايا!
كشفت قناع من أذكى حروبا
لنكبتنا وأورثنا الرزايا
فصنت كرامتي وحميت عرضي
فلم أبك الجلال ولا هوايا
إذا النفس العزيزة لم تسخر
فما تخشى الوبال ولا المنايا!
وما هذي السلاسل رمز ذل
إذا كانت تكرمني السجايا!
الإمبراطور :
ارفعوا هذه السلاسل عنها
ولتؤدوا عظيم التحيه (يفعل حراسها ذلك وينحني لها الجميع احتراما.)
الزباء :
أي شكر إليك أسدي فيوفي
صدق حسي بذلك المعروف
الإمبراطور :
اجلسي الآن جانبي رمز عرش
من جلال النهى ومن عبقريه (تقترب الزباء منه فيضع إكليل الغار الذي أمامه على رأسها ثم يساعدها على الجلوس بجانبه في العربة الملكية.)
والبسي الغار أنت في الأسر أولى
بالجلال الذي يشوق البريه
نفسك الحرة العظيمة دوما
تقهر الذل والنفوس الدنيه
بعد صفحي عن الذي قد تولى
من حروب ومن مصاب الرعيه
ليس عندي سوى التجلة تهدى
للتي أنت من صفات سنيه
ستعيشين في ضيافة ملكي
بين أولادك الحياة الرضيه
ستعيشين في على قصر (تيبو
ر) حياة عزيزة ملكيه
لست من تنكر الوفاء لموطن
ك الثاني فدومي له بصدق وفيه!
الزباء (تصحبها أصوات بقية الحاضرين وتنشد شاكرة بينما تستأنف العربة الملكية سيرها ببطء وقد أقبل عدد وافر من الشعب رجالا ونساء في رقص وطرب) :
اضحكي يا سماء
ابسمي يا أماني
لاعتدال الزمان
قد مضى كالهباء
هم شاق وعان
فارقصي في تهان
وليدم في علاء
في رضى في أمان
دون واش وجان
العظيم المضاء
رب هذا الجنان
والجنان الحسان
فلتعش يا مليك
ولتفز يا مليك (تسدل الستار العامة فورا.)
अज्ञात पृष्ठ