قرأت أولا عن المرتزقة؛ إذ سارع رجال الأعمال الأغنياء، والشركات ذات الثراء، بمجرد انتهاء العاصفة باستدعاء شركات الأمن الخاصة من شتى أرجاء العالم، فقام ما لا يقل عن خمس منظمات مختلفة بإرسال الجنود المأجورين إلى المدينة، بما في ذلك المرتزقة الإسرائيليون من شركة اسمها «الشركة الدولية لإطلاق النار بالغريزة»، وتسارعت أنفاس كاثي، رجال العصابات الإسرائيليون في نيو أورلينز؟ وأدركت أن ذلك كان ما حدث، كان زوجها عربيا، وكانت فرقة إسرائيلية شبه عسكرية على الأرض في المدينة، وهكذا استنتجت ما هو منطقي.
وجنود منظمة بلاكووتر. كانت شركة بلاكووتر الأمريكية شركة الأمن الخاصة التي يعمل فيها الجنود السابقون في الجيش الأمريكي وغيره، قد أرسلت مئات الأفراد إلى المنطقة. كانوا موجودين بصفة رسمية؛ إذ استأجرتهم مصلحة الأمن الداخلي للمساعدة في الحفاظ على النظام، كانوا يصلون مرتدين ملابس الميدان الكاملة، وكان بعضهم يحمل شارات نواب حكمدار الشرطة في ولاية لويزيانا.
وتسلطت صور جميع الأسلحة النارية على تفكير كاثي، كان أخوها في الحرس الوطني، وكانت تعلم ضروب الأسلحة التي يحملونها، وبدأت تجري العمليات الحسابية، لو كان كل رجل من مرتزقي بلاكووتر يحمل ما لا يقل عن سلاحين ناريين، فإن معنى ذلك مئات المسدسات المحمولة على الجنبين، من عيار 9 ملليمترات، من طراز هيكلر وكوخ، إلى جانب مئات من البنادق من طراز إم-16ورشاشات من طراز إم-4.
وأحست كأنما عثرت مصادفة على إجابة عن تساؤلها عن اختفاء زوجها، لم يكن أي تفسير آخر مقبولا، كان ذلك يبدو أقرب الأشياء إلى المنطق، لا بد أن أحد هؤلاء المرتزقة الذين لا يسألهم أحد عما يفعلون قد أطلق النار على زيتون فقتله، والسلطات الآن تتكتم الأمر، ولهذا لم تسمع شيئا، لا بد أن العملية كلها متكتم عليها.
أضف إلى ذلك وجود كثير من الجنود الأمريكيين، لا بد أنهم سيطروا على الموقف، وفي حدود ما استطاعت أن تحدس، كان في نيو أورلينز ما لا يقل عن عشرين ألف جندي من الحرس الوطني، إلى جانب الذين يصلون في كل يوم، لكنها عادت للتفكير في الأسلحة النارية، لو كان مع كل واحد من هؤلاء بندقية واحدة من طراز إم-16 الهجومي، فلا بد أن بالمدينة نحو عشرين ألف بندقية آلية. ذلك أكثر مما ينبغي. وإذا كانت الحاكمة بلانكو على حق حين قالت إن هؤلاء قد أقبلوا مباشرة من أفغانستان والعراق، فلن يبشر ذلك بأي خير لزوجها.
وبحثت في مواقع أخرى على الإنترنت، وتعمقت، كان عدد جنود الجيش في منطقة نيو أورلينز يبلغ 5750، وما يقرب من ألف رجل من رجال شرطة الولاية، وكثيرون من بينهم من فرق مكافحة الشغب المسلحة للاشتباك مع الناس داخل المدن، كما منح أربعمائة من مفتشي الجمارك ورجال حماية الحدود سلطة الضبطية القضائية فأصبحوا نوابا عن مأموري الشرطة المحلية. وكان من بين هؤلاء أكثر من مائة رجل من الوحدات التكتيكية لورديات الحدود، وكانوا في العادة مسلحين بأجهزة قذف القنابل اليدوية، وبنادق الخرطوش، وكباش دك الأسوار، والبنادق الهجومية، كما كانت في المنطقة أربع من فرق الأمن والسلامة البحرية، وهي الوحدات التكتيكية الجديدة التي شكلتها مصلحة الأمن الداخلي في إطار الحرب على الإرهاب، وكل من هذه الوحدات مزود بالبنادق من طراز إم-16، وبنادق الخرطوش، وقنابل يدوية من عيار 0,45، إلى جانب خمسمائة من العملاء الخصوصيين لمكتب التحقيقات الفيدرالي، وفريق من شرطة العمليات الخاصة الفيدرالية، والقناصين. كانوا قد قرروا إرسال القناصين إلى المدينة لإطلاق النار على مرتكبي النهب المسلحين. وأجرت كاثي عملية الجمع الحسابية، وانتهت إلى وجود ما لا يقل عن ثمانية وعشرين ألف سلاح ناري في نيو أورلينز. وذلك هو الحد الأدنى الذي يحسب عدد البنادق والمسدسات وبنادق الخرطوش.
لم تستطع مواصلة النظر، فأطفأت الكمبيوتر، وجعلت تمشي في الغرفة، واستلقت على السرير وهي تحدق في الحائط، ونهضت وذهبت إلى الحمام لتتأمل الشريط الجديد من الشعر الأبيض فوق رأسها.
ثم عادت فأدارت الكمبيوتر بحثا عن زوجها. كانت غاضبة كل الغضب منه، من عناده. لو أنه ركب معهم السيارة وحسب! لم لم يخضع للمنطق نفسه الذي أدركه مئات الآلاف من الناس؟ كان لا بد أن يختلف؛ كان لا بد أن يفعل المزيد؛ كان لا بد أن يفعل شيئا آخر.
ووجدت الإيميل الذي أرسله أحمد إلى هيئات البحث عن المفقودين، أصبحت الصور التي أرفقها هي صور زوجها الوحيدة التي بقيت لها، أو الصور الوحيدة التي كانت لديها في فينيكس على أي حال. كانت قد التقطت قبل عام واحد، في مالقة. كان قد ذهب أفراد الأسرة جميعا إلى مالقة وأخذت الصورة على الشاطئ بالقرب من منزل أحمد، وعندما شاهدت كاثي ذلك الشاطئ لم تستطع أن تفكر إلا في النزهة، تلك النزهة الجنونية التي أصر زوجها على قيامهما بها. ولو كانت ذاكرتها تحمل ما يرمز إلى ذلك الرجل، فإنها ذكرى ذلك اليوم. •••
كانت الأسرة قد أمضت عدة أيام في مالقة عندما شعر الأطفال الأكبر سنا بالراحة في منزل أحمد وأنطونيا، وأسعدهم البقاء في المنزل في الصباح، وكان زيتون يريد أن يصحب كاثي وصفية للتريض على الشاطئ، وقضاء بعض الوقت على انفراد، وأما زخاري ونديمة وعائشة، فكانوا يتسامرون مع لطفي وليلى، ويلهون في حمام السباحة خلف المنزل، ولم يكادوا يلحظون مغادرة والديهم مع صفية.
अज्ञात पृष्ठ