إن العلاقات بين المجتمعين الزيديين، في منطقة بحر الخزر واليمن، كانت وثيقة جدا وخاصة خلال بعض المراحل في تاريخيهما، وذلك على الرغم من التباعد الجغرافي الكبير، فمؤسس الإمامة الزيدية في اليمن، الهادي إلى الحق يحيى (توفي عام 298ه/911م) زار طبرستان في البداية ليثبت نفسه هناك، وعندما استقر لاحقا في اليمن دعمه فيها متطوعون زيود من منطقة بحر الخزر. هذا وكان الزيود في طبرستان الغربية، في الرويان Ruyan وكلار Kalar وشالوس Shalus، قد تبنوا في مرحلة مبكرة التعاليم الشرعية للمدرسة التي أسسها جد الهادي - القاسم بن إبراهيم الرسي (توفي عام 246ه/860م) - والتي عرفت باسمه "القاسمية". وحتى عندما قام الإمام الزيدي الخزري الناصر للحق الأطروش (توفي عام 304ه/917م) بتدريس تعاليم شرعية مختلفة إلى حد ما بين الديلميين والجيلانيين في المناطق الغربية الأبعد، وعرف أتباعه فيما بعد "بالناصرية". حافظت القاسمية الخزرية على هويتها المنفصلة، والتي مالت للبحث عن القيادة من بين ذرية القاسم، واعترفت بالهادي وبولديه وخليفتيه في اليمن - محمد المرتضى (توفي عام 310ه/922م) وأحمد الناصر لدين الله (توفي عام 322ه/934م) - كأئمة شرعيين. وبعد قرن من الزمان، توسع اثنان من أئمة الخزر، هما الأخوان البطحاني، المؤيد بالله أحمد (توفي عام 410ه/1020م) والناطق بالحق أبو طالب (توفي عام 424ه/1033م)، في التعاليم الشرعية للقاسمية وأدخلا عليها التعديلات. وعلى الرغم أن زيود اليمن قد اعترفوا بهما كإمامين بعد وفاتهما فقط، فإن أعمالهما أصبحت مع الوقت مرجعا هاما بينهم. وفي عام 437ه/1045 -1046م تم الاعتراف بعلوي قادم من مجتمع الخزر، هو الناصر أبو الفتح الديلمي (توفي عام 444ه/1052- 1053م)، إماما لليمن. وفي بداية القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي(1)، اعترف اليمنيون بإمامة أبي طالب الأخير (توفي عام 520ه/1126م)، وهو من ذرية المؤيد الذي حكم في الديلمان وجيلان، وكان نائبه في اليمن من ذرية الهادي. وفي ذلك القرن، جرت عملية إحضار غالبية أدبيات زيود الخزر وأعمالهم لليمن على أيدي علماء فارس الزيود أثناء زياراتهم لليمن، وعلى أيدي علماء اليمن العائدين من زيارة مراكز التعليم الزيدي في شمال غرب إيران. وفي بداية القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي اعترف زيود الخزر بإمامة الإمام اليمني المنصور بالله عبدالله بن حمزة (توفي عام 614ه/1217م) (2). ومن تلك الفترة يرجع تاريخ آخر وثيقة جاءت من مجتمع الخزر، وتوفرت لنا في الطبعة الحالية، وهي رسالة يوسف الجيلاني من لاهيجان والتي كتبت عام 607ه/1210م.
पृष्ठ 3