الْمطلب الثَّانِي جهود الْعلمَاء فِي الِاشْتِقَاق
لقد فطن الْعلمَاء مُنْذُ الْقدَم لفائدة الِاشْتِقَاق وأهميته واتضح لَهُم دوره البارز فِي إثراء اللُّغَة الْعَرَبيَّة بِمَا ينْتج عَنهُ من توليد للألفاظ والصيغ وربط بَين الْكَلِمَات ذَات الْحُرُوف المتجانسة والمعاني المتقاربة.
فَلذَلِك أولوه عناية فائقة، وَقَامُوا بدرسه وسطرت أقلامهم فِيهِ تراثًا عَظِيما وصلنا بعضه وسطت غير الزَّمَان على بعضه، فقد ذكر المؤرخون جمعا غفيرًا من الْمُتَقَدِّمين الَّذين كَانَت لَهُم جهود جبارَة فِي هَذَا الميدان، فَمنهمْ من أفرد لَهُ مؤلفات، وَمِنْهُم من جعل لَهُ فصولًا ضمن كتبهمْ.
وَقد ربط المحدثون الحاضرَ بالماضي فِي هَذَا المجال، فَقَامُوا هم أَيْضا ببحثه وتمحيصه، وأودعوا مرئياتهم فِيهِ كتبا مُسْتَقلَّة، وأبحاثًا ضمن مؤلفاتهم.
وَقد قَامَ الدكتور عبد السَّلَام هَارُون فِي تَقْدِيمه لكتاب الِاشْتِقَاق لِابْنِ دُرَيْد بحصر شَامِل لِجُلِّ مؤلفات الِاشْتِقَاق مَعَ ذكر أَسمَاء مؤلفيها من الْمُتَقَدِّمين والمحدثين، وَنقل عَنهُ ذَلِك الْحصْر نَذِير مُحَمَّد مكتبي فِي مقدمته لتحقيق الْعلم الخفاق من علم الِاشْتِقَاق، وَزَاد عَلَيْهِ بعض المؤلفات الَّتِي توصل إِلَيْهَا من خلال بَحثه فِي هَذَا المجال، وَكَذَلِكَ قَامَ بحصر أَكثر تِلْكَ المؤلفات الدكتور رَمَضَان عبد التواب فِي مقدمته لتحقيق اشتقاق الْأَسْمَاء للأصمعي.
وَفِيمَا يَلِي ثَبت بأسماء أَصْحَاب تِلْكَ المؤلفات كَمَا ذكرهَا أُولَئِكَ الْمُحَقِّقُونَ
1 / 308