أنا كلف، وأنت صلف، فكيف نأتلف؟
الكلف بفتحتين العشق والولوع بالشيء. يقال: كلف الرجل بكذا يكلف به بالكسر في الماضي، فهو كلف ككتف. والصلف بفتحتين: عدم الحظوة. ويقال: صلفت المرأة بالكسر إذا لم تكن لها مكانة عند زوجها ولا قدروا بغضها، فهي صلفة وهن صلائف. قال القطامي يذكر امرأة:
لها روضة في القلب لم ترع مثلها ... فورك ولا المستعبرات الصلائف
ويقال للمرأة: اصلف الله رفغك أي بغضك إلى زوجك. والصلف أيضًا التكلم بما يكرهه صاحبك، والتمدح بما ليس عندك، ومجاوزة قدر الظرف والادعاء فوق ذلك تكبرا.
وهذا المثل يضرب أيضًا للمتباينين في الأخلاق كالذي تقدم.
أنا اتلوص قبل أن أرمى
التلوص بالصاد المهملة: التلوي والتقلب، والاصة: إدارة. والرمي معروف. وأعلم إنّ العقلاء من حكماء الفلاسفة والعرب وضعوا حكما كثيرة وأمثالًا جمة على ألسنة الجمادات والحيوانات والعجومات باعتبار حالها تعليما للناس وإرشادًا لهم إلى مصالحتهم معاشًا ومعادًا، وذلك من قبيل التمثيل الذي ذكرناه من قبل. وسيأتي في هذا الكتاب إنّ شاء الله كثير من هذا النوع، فكان من ذلك أن قالوا: إنّ الغراب وصى ابنه فقال له: يا بني، إذا رميت فتلوص، أي انحرف لئلا تصاب فقال: يا أبت، أنا اتلوص قبل أن أرمى يضرب في التحرز من الشيء وأخذ الحذر منه قبل كينونته.
أنا من هذا الأمر فالج بن خلاوة
فالج بالفاء والجيم، على صيغة فاعل: اسم رجل من أشجع، وهو فالج بن خلاوة بفتح الخاء المعجمية بن سبيع بن بكر بن أشجع. وكان فالج هذا قيل له يوم الرقم إذ قتل أنيس الأسرى: انتصر أنيسًا؟ فقال: إني منه بريء. واليوم الرقم يوم من أيامهم، فقد فيه فرس عامر بن طفيل، فيقس لكل خلي من أمر متبرئ منه يقول: أنا منه فالج بن خلاوة أي أنا منه جلاء بريء بمنزلة ذلك الرجل.