أحدها: أنّ قوله: «ما أنا بقارئ»، صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئًا.
الثاني: أنّ الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار، فإنه إذا قرأ في نفسه أنذر ما قرأه؛ فأمره بالقراءة أولًا، ثم بإنذار ما (^١) قرأه ثانيًا.
الثالث: أن حديث جابر وقوله: «أول ما أنزل الله عليه من القرآن ﴿رَحِيمٌ (٢٠)﴾» قول جابر، وعائشة أخبرت عن خبره ﷺ عن نفسه بذلك.
الرابع: أن حديث جابر الذي احتجَّ به صريح في أنه قد تقدَّم نزولُ الملك عليه أولًا قبل نزول ﴿رَحِيمٌ (٢٠)﴾ فإنه قال: «فرفعتُ رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء. فرجعت إلى أهلي، فقلت: زمِّلوني، دثِّروني؛ فأنزل الله ﴿رَحِيمٌ (٢٠)﴾». وقد أخبر أن الملك الذي جاءه بحراء أنزل عليه ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾. فدلَّ حديث جابر على تأخُّرِ نزول «المدثر» (^٢)، والحجة في روايته، لا في رأيه. والله أعلم.
فصل في ترتيب الدعوة
ولها مراتب: المرتبة الأولى: النبوة.
الثانية: إنذار عشيرته الأقربين.
الثالثة: إنذار قومه.
(^١) كذا في الأصول والطبعات القديمة. وفي طبعة الفقي: «أنذر بما قرأه ... ثم بالإنذار بما»، وقد تصرَّف كعادته دون تنبيه. في «الصحاح» (نذر): «الإنذار: الإبلاغ، ولا يكون إلا في التخويف»، فقول المصنف: «أنذر ما قرأه» أي أبلغه على وجه التخويف. وكذا قوله: «ثم بإنذار ما قرأه» أي: إبلاغه.
(^٢) ك، ع، مب، ن: «يا أيها المدثر».