قال ستالين: إننا نسمع اليوم بذلك للمرة الأولى.
فسلمت أن هناك مجازفة باحتمال إثارة التهييج على إحدى الدول الكبرى - كبريطانيا مثلا - فيكفي أن أقول في هذه الحالة إن الدبلوماسية العادية تؤدي مهمتها في الوقت نفسه، ولا ينبغي أن أتوقع أن الرئيس يثير أو يؤيد حملة على بريطانيا العظمى، وأشعر بيقين أن كل شيء سيعمل لوقفها، كما أشعر في مثل هذا اليقين بأن المارشال ستالين لن يهاجم الدولة البريطانية - بالقول بداهة - قبل أن يتحدث إلينا أولا ويجري البحث في وسيلة التسوية الودية.
قال ستالين: نعم ...»
وهكذا يتفاهمون ويعقدون صفقات المساومة وتبادل الرضى بالعدوان على الأمم الصغيرة! «دعوا لنا فنلاندا وما شابهها، ندع لكم هونج كونج وقناة السويس وما شابههما ... وتجري المهام الدبلوماسية أثناء ذلك على حدة باسم الوحدة العالمية.»
ولقد كتبوا ميثاق الأمم المتحدة على الورق، ولكن الميثاق الذي جرى عليه العمل بغير كتابة، هو هذا الميثاق الذي يفهم من وراء الجدران والأوراق.
شرشل بك
والمعلوم أن السير ونستون شرشل ينتمي إلى أسرة الدوق (مارلبرو)، وأن اسم شرشل أضيف إلى أعلام الأسرة بعد موت الدوق مارلبرو بغير عقب مباشر، ولكن المجهول أن سلفا من أصحاب هذا الاسم أقام زمنا في الشرق وتزوج منه وزوج بناته فيه، وأنعم عليه بلقب البكوية منذ مائة سنة، إن صح الخبر الذي قرأناه في مذكرات الدكتور شاكر بك الخوري، طبعت سنة 1908 بمطبعة الاجتهاد في بيروت.
يقول الدكتور من الصفحة ال (456)، بعد رثائه للشاب فؤاد ابن الأمير سليم شهاب من السيدة جلنار ابنة شرشل بك الإنجليزي:
شرشل هو من أعرق الأسر الإنجليزية شرفا، ولم تزل أسرته من اللوردات في إنجلترا، حضر إلى سوريا مأمورا عسكريا سنة 1846، وبقي فيها ولم يرجع إلى إنجلترا، وتزوج من النساء الشرقيات، وهو سياسي محنك خبير، رزق ابنتان وغلام (هكذا) سماه ونستن عرفته جيدا، وتزوجت بنتاه؛ الواحدة بالأمير شهاب، والثانية بالأمير سليم منصور شهاب والدة فؤاد، وكان لشرشل بك أخت في إنجلترا، أوصت بقسم من أملاكها أو قيمة أربعة آلاف ليرا إنجليزية لأولاد أخيها من زوجتها خانم، وبعد وفاتها دخلوا بالدعاوي، وأخيرا اقتسموا المال حسب الوصية، ونالت زوجة الأمير عبد الله حصتها من الإرث، أما ولده فتزوج فتاة إفرنسية أتى بها إلى سوريا، ثم انفصل عنها وتوجهت لبلادها، غير أنه تبعها أخيرا ولا أعلم ماذا صار به بعد ذلك، إنما بلغه أنه توفي بلا عقب.
أما الشاب الذي رثاه الطبيب الشاعر، فقد قال عنه في مذكراته قبل ذلك إنه: هو فؤاد بن سليم منصور الشهابي، كان شابا وحيدا بلغ السابعة عشر وتعلم بمدرسة الآباء اليسوعيين، فمرض بداء الجنب وتوفي وله سبع شقيقات، هو وحيد بينهن، وقد حزن لفقده كل من عرفه، وقد نظموا له عدة «مراث» وكنت من جملة من رثوه. أما والدته، فهي ابنة شرشل بك الإنجليزي الذي كان قائمقاما في الجند الإنجليزية، وهو من أسرة عريقة في الشرف لم تزل إلى اليوم.
अज्ञात पृष्ठ