यास्कुट सिबावेह
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
शैलियों
والمبدأ الأول الذي يجب الاتفاق عليه قبل الخوض في عملية التطوير، هو ضرورة الحفاظ على اللغة الفصحى وعدم استبدال اللهجات بها. فمن اللازم أن يكون هدف التطوير هو تخليق لغة وسط بدأت تظهر بالفعل من خلال لغة الصحافة، وخاصة منذ بداية القرن العشرين. ويجب السير في هذا الاتجاه، ومحاولة إيجاد صيغة تعتبر قاسما مشتركا أعظم بين كل اللهجات العربية.
وأعلم أن هذه مهمة صعبة للغاية وتستلزم عشرات السنوات من البحث والتجارب، لكنها الوسيلة الوحيدة لإنقاذ لغتنا الجميلة من الاندثار. •••
وبعيد عن ذهني تماما أن أدعو إلى تطوير جذري يقضي على أسس اللغة العربية؛ فمثل هذا التطوير يقطعنا عن تراثنا وثقافتنا، وهو مرفوض تماما بالنسبة لي؛ فنحن العرب أصحاب ثقافة من أهم الثقافات الإنسانية، ومن الجنون التفريط في هذه الكنوز التي تركها لنا السلف.
والمطلوب هو العمل على تطوير اللغة بجرأة لكن دون نسف الأسس التي قامت عليها، والحفاظ على الشكل والقواعد الأساسية التي وضعها السلف. وأعلم أن أي تطوير للغة يمس جوهرها هو خوض في بحر غريق، لكن عبور هذا البحر هو سبيل الخلاص للعقل العربي، وإنقاذه من الحلقة المفرغة التي يدور فيها منذ عدة قرون.
والتطوير الذي أقصده يجب أن يحافظ على أساسيات اللغة؛ بحيث إن من يتعلم العربية بعد التطوير، يكون قادرا على فهم ما كتب قبل إجراء عملية التطوير.
لكن كل المؤشرات التي ذكرتها تدل على أن المنظومة اللغوية العربية في حاجة إلى إعادة نظر شاملة. ولأنني لست عالما لغويا، أو نحويا، فإنني أكتفي في هذا الكتاب بإعطاء بعض الأمثلة الملموسة لما أقصده بالتطوير الذي لا يخل بجوهر اللغة، فالغرض هو أن يظل العرب بعد مئات السنين قادرين على قراءة القرآن، وفهم التراث تماما كما يفهمونه اليوم، لا أكثر ولا أقل.
وقد اكتشفت بعد أن وضعت بعض الأمثلة أن ما أقترحه قد جاءت به اللهجات بالسليقة؛ لأنه أقرب إلى المنطق، وأبعد عن التعقيد غير المفيد. وقد وصلت من هذا المنطلق إلى قناعة بأن تبسيط اللغة العربية سيكون بتقريبها من المنطق اللغوي للهجات؛ مما يساعد على تقبل الفصحى من كل أبناء الوطن العربي. وبعد ثلاثة أو أربعة أجيال ستصل نسبة القادرين على القراءة والكتابة إلى 80 وربما إلى 90٪. وعندئذ ستزداد الحاجة لإيجاد لغة وسط؛ لكسر حالة الشيزوفرينيا اللغوية التي تحدثنا عنها. •••
ولكي نضع تصورا لكيفية تبسيط اللغة؛ يتعين علينا أن نضع أيدينا على مواطن الصعوبة الكامنة في العربية.
ومن أبرز المفارقات التي تلفت النظر في العربية أن الكلمة تأخذ معناها من التشكيل، وليس من موقعها في الجملة، فالأصل في العربية هي الجملة الفعلية، وإذا قلنا مثلا: ضرب الشاب الرجل، (بدون تشكيل) فإن هذه الجملة التي من المفترض أنها واضحة، تحتمل معنيين متناقضين لا يمكن التفرقة بينهما إلا بالتشكيل.
فإن كان التشكيل هكذا: «ضرب الشاب الرجل» لكان المعنى أن الشاب قد ضرب الرجل. أما إن كان التشكيل هكذا: «ضرب الشاب الرجل» لكان في هذه حالة الشاب هو المضروب، والرجل هو الذي ضربه.
अज्ञात पृष्ठ