यास्कुट सिबावेह
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
शैलियों
وكان من الطبيعي أن تؤدي حالة الشيزوفينيا اللغوية إلى إشاعة حالة من القلق بين المثقفين المصريين والعرب، وخاصة في العصر الحديث. وكان من الطبيعي أن ينكبوا على التفكير في وسائل الخروج من هذه الحالة الشاذة. وقد أدى ذلك إلى مجموعة من الاقتراحات والاجتهادات للعديد من عمالقة الفكر العربي في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين.
ومن أخطر هذه المقترحات التي أقول بوضوح إنني لا أوافق عليها، هي هجر الفصحى بالكامل واستخدام اللهجات كلغة تعامل رسمية في الدول الناطقة بالعربية.
وقد بدأت فكرة تبني العامية تأخذ طريقها إلى العقل العربي في نهايات القرن التاسع عشر. ونظرا لرفض العربي فطريا لهذه الفكرة، لأسباب دينية مفهومة، فقد كان أول من طرح الفكرة من المستشرقين. وظهرت كتب تروج لاستخدام العامية بديلة عن الفصحى، منها «قواعد اللغة العربية العامية في مصر» للمستشرق الألماني فلهلم سبيتا عام 1880م و«العربية المحلية في مصر» للإنجليزي سلوين ولمور عام 1901م.
وفي عام 1893م نشر الإنجليزي وليام ولكوكس بمجلة الأزهر (ولا أدري إن كان لها علاقة بالأزهر الشريف) مقالا بعنوان: «لم لم توجد قوة الاختراع لدى المصريين إلى الآن؟» يدعو فيه إلى نبذ الفصحى واللجوء إلى العامية لتحرير الطاقات الإبداعية عند المصريين. وقام ولكوكس عام 1925م بترجمة الإنجيل إلى العامية المصرية تأكيدا لرأيه في أهمية اللجوء إلى اللهجة الدارجة ونبذ الفصحى.
وأكاد أسمع من يقول: إن رأي هؤلاء المستشرقين دليل على بطلان الدعوة إلى تبني الفصحى، فهؤلاء أعداء الإسلام والعرب ولا يدخرون وسعا لتقويض أركان ديننا وثقافتنا، فكيف نستمع إلى من يضمرون لنا الحقد والكراهية؟
ولو افترضنا صحة هذا الكلام، فإنه لا ينبغي مع ذلك أن نأخذ آراء الأجانب والمستشرقين باستخفاف لمجرد الشك في مقاصدهم، فهؤلاء المستشرقون لا يتحدثون من فراغ، وإنما من منطلق إعراض كل الشعوب العربية بلا استثناء واحد عن استخدام الفصحى كلغة للتعامل فيما بينها. وعلينا أن نرد على حججهم بقوة المنطق والعقل، وليس بالعواطف وتوجيه الاتهامات.
فهناك بعض من فطاحل الفكر العربي تبنوا هم الآخرون أفكارا مشابهة. وكان أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد من أوائل المصريين الذين روجوا لفكرة استخدام العامية، وإن كان قد أعاد النظر في موقفه وتخلى عن هذه الدعوة فيما بعد. كما كان مشروع عبد العزيز فهمي - الذي دعا من بين ما دعا إلى استخدام الحروف اللاتينية للغة العربية - قد أثار موجة اعتراض عارمة من قبل كافة الفئات.
وفي لبنان تحمس لهذه الفكرة سعيد عقل وأنيس فريحة. وكان قاسم أمين وطه حسين وأحمد أمين وأمين الخولي من بين أشد الداعين إلى تيسير اللغة العربية وتبسيط قواعدها. وكل هؤلاء لا يشك في حسن نوياهم تجاه لغتنا وتراثنا.
ومن أشهر من دعوا إلى تبني العامية بديلا عن الفصحى بحجج عنيفة صدمت الكثيرين، كان سلامة موسى، وقد ساند أيضا استخدام الحروف اللاتينية واعتبر ذلك «وثبة نحو المستقبل».
ويقول سلامة موسى عن الفصحى: «ورثناها من بدو الجاهلية في عصر الناقة، ويراد لنا أن نتعامل بها في عصر الطائرة.»
अज्ञात पृष्ठ