यास्कुट सिबावेह
لتحيا اللغة العربية يسقط سيبويه
शैलियों
على أن ما راعني هو المزايدات التي جاءت ممن يقفون خلف ساتر «قدسية اللغة»، فهؤلاء يرون أن أي مساس باللغة هو مساس بالقرآن الكريم، مع أن هذه قضية حسمت منذ قرون، وقد جئت بأدلة دامغة في كتابي تفند هذه الحجة. واللغة ليست شرطا من شروط الإيمان، فإذا أراد أجنبي أن يعتنق الإسلام فهل تشترط عليه مسبقا تعلم اللغة العربية؟
وعلى الرغم من عنف الانتقادات، إلا أنني لم أغضب من أصحاب الأقلام الجادة الذين اختلفوا معي، فأنا لا أدعي - مثل البعض - أنني أمتلك الحقيقة المطلقة. وقد جاء بعض الذين انتقدوا الكتاب بحجج وجيهة وأمثلة في الصميم استفدت منها كثيرا، لكن البعض الآخر انزلق إلى أسفل الدرك في توجيه الاتهامات العشوائية، وهؤلاء لا يستحقون مجرد الرد ولا الالتفات.
وفي النهاية، فإن ما أصابني بخيبة أمل هو نكوص الكثير من أصحاب الأقلام التنويرية الذين من المفترض أن يحاربوا معركتهم في مواجهة الاتجاه المحافظ وتيارات الانغلاق، فقد هنأني بعضهم في الحجرات المغلقة، ثم لاذوا بالصمت الرهيب خارجها؛ إيثارا للسلامة.
مقدمة
أصبت بصدمة في أحد أيام مارس 2001 عندما فتحت العدد السنوي من «الألمناك» والذي كان صادرا قبلها بأيام قليلة، و«الألمناك» هو مطبوعة سنوية تحمل المعلومات الأساسية في كافة المجالات وآخر الإحصائيات العالمية. ومن عادتي أن أتابع في «الألمناك» آخر أرقام تعداد السكان في دول العالم وفي أكبر المدن، ومعدلات النمو، وكذلك عدد أبناء كل ديانة والناطقين بأهم لغات العالم، ومعلومات أخرى كثيرة ذات فائدة كبيرة.
أما عن الصدمة، فكانت عندما جلت بنظري في جدول أهم اللغات المتداولة في العالم، فلم أجد العربية في مكانها المعتاد بهذه المطبوعة، وأعدت قراءة جدول أهم اللغات عدة مرات وأنا في حيرة شديدة: هل هناك مشكلة أصابت نظري؟ أم أن اللغة العربية سقطت منهم سهوا، أم ماذا؟
وعندما فتشت في الجدول الموسع للغات المنتشرة في العالم، والذي يضم نحو 230 لغة، أدركت الحقيقة التي أثارتني بقدر ما أزعجتني، فمطبوعة «الألمناك» لم تعد تعتبر العربية لغة قائمة بذاتها، على أساس أن اللغة هي أداة التفاهم اليومي بين الناس وليست أداة الدرس والعلم، وهم يعتبرون أن العربية صارت لغة لقراءة الكتب والمراجع.
أما لغة التفاهم في العالم العربي فهي اللهجات مثل المصرية والشامية والمغربية. وباختصار فهم قرروا أن يعتبروا العربية من اللغات الميتة التي يعرفها البعض، زاد أو قل عددهم، لكنهم لا يستخدمونها في تعاملهم اليومي.
ومن الممكن أن يكون أول رد فعل لنا أن ننتفض صائحين: «هيهات، وموتوا بغيظكم أيها الحاقدون، ووالله هذا لن يكون أبدا.» وأنا أقول: إن شاء الله هذا لن يكون، لكن هذا لا يكفي. فهذه المطبوعة تعتبر من المطبوعات الجادة التي يعتد بها في العالم، وإن كانت لا تخلو من الأغراض الخبيثة، وخاصة حيال الإسلام والعرب.
ومع ذلك، فإن كبار الكتاب والمتخصصين في العالم، وخاصة في الغرب، يعدونها من أهم مراجعهم، وبالتالي فمن الخطأ أن نأخذ موقف هذه المطبوعة من العربية بالاستخفاف والتعالي، بل ومن مصلحتنا أن نعتبره جرس إنذار علينا أن نستمع إلى ما يحمله رنينه إلينا بكل جدية وحرص حتى وإن كرهنا محتواه.
अज्ञात पृष्ठ