سعادة السكينة رضا وارتياح خاليان من الشوق والطموح، وسعادة الحركة تقدم ونجاح خاليان من القناعة والاكتفاء.
ومن يبغ هذه لا يبغ تلك، ومن طلبهما فليطلبهما متفرقين في زمنين مختلفين؛ لأنهما لا تجتمعان.
وما لنا لا نقول: إن المثل الأدنى في التعاسة نادر كالمثل الأعلى في السعادة.
فأشقى الأشقياء وأسعد السعداء في الدنيا اثنان متكافئان متعادلان، ولعلهما لا يوجدان!
ولو خرج أحد من الرحالين ليجوب أقطار الأرض باحثا عن أشقى شقي، للزمه من الوقت والعناء قريب مما يلزمه في بحثه عن أسعد السعداء.
فلا يقل حانق على السعادة: إنها مستحيلة في هذه الدنيا؛ لأن استحالتها من جنس كل استحالة؛ ولأن يسرها من جنس كل يسر؛ ولأن الفرق بين المثل الأعلى والمثل السائر فيها كالفرق بينهما في أكلة أو لبسة أو رشفة، أو ما شئت من متع الحياة.
وهي ليست - بعد - شيئا واحدا كتلك الجوهرة المكنونة التي يحكون عنها في الأساطير، ويتخيلونها في كل يد تعثر بها على استواء، لا فارق بين يد العبد ويد السيد، ولا بين يد الجاهل ويد الخبير.
وإنما السعادة سعادات: سعادة هذا شقاوة ذاك، وسعادة إنسان في حين من الأحيان شقاوة له في غير ذلك الحين.
أتسألني عن السعادة المطلقة بالقياس إلى كل إنسان وإلى كل حين؟
تلك ليس لها وجود؛ وكذلك كل شيء مطلق من القيود والملابسات في عالم القصور والفناء. •••
अज्ञात पृष्ठ