فكفوا عن القتال، وانكفئوا إلى الرحال؛ فسكن نابض تلك الفتنة، ووقع طائر الهيج واللوثة. واختلف العسكر في الاختيار، فمال القواد وكبار [44 ب] الغلمان الخاصة إلى خراسان، واستحب الدارية «8» الانقطاع إلى فخر الدولة والاختصاص بخدمته. فكتب الصاحب إليهم أجمعين بالتوقف ريثما يلحق بهم الأستاذ أبو علي فيطلق لهم أموالهم، ويحقق في الولايات وزيادة الإقامات آمالهم. فحفزهم حب خراسان عن التوقف، وأعجلهم طول العهد بالأوطان دون التثبت. فساروا على سمت الروغد «1» معاودين إلى نيسابور للاتصال بأبي علي بن سيمجور وهو إذ ذاك صاحب الجيش مكان أبيه، وأقام الباقون من الدارية إلى أن وردها الأستاذ «2» أبو علي، فاستعرضهم وأثبت أساميهم، وأطلق أموالهم، وسيرهم إلى الري، فأمر فخر الدولة بنقلهم إلى الدار، وتوجيههم على الرسم في أمثالهم بمزيد الإكرام والإيثار، رعاية منه لحق أبي العباس من جانب، واستظهارا بهم من آخر.
وكانت جرجان تموج بالغاغة، وذوي العيث والخرابة ممن قتلوا أهل خراسان، ومثلوا بهم. فوضع الأستاذ أبو علي الأرصاد لهم، وبث العيون عليهم، فقتل ممن حمل [45 أ] منهم يوما واحدا جريدة واحدة زيادة على ثلاثة آلاف رجل صلبا وصبرا، وغيلة ومكرا؛ فتمت بذلك سياسته، واستفاضت هيبته، واستقامت أموره. وصفت جرجان في أيامه ممن ينعق في فساد، أو يحلم بغير استقامة وسداد.
ذكر أبي الحسن بن سيمجور في قيادة الجيوش إلى أن قضى نحبه،
وانتقال الأمر إلى ابنه أبي علي، واستقامة ولايته وقراره بنيسابور، وانحدار أبي العباس تاش إلى جرجان مخليا أمور خراسان
पृष्ठ 87