388

نعم، وامتد الوجيف به بعد إلى قلعة كلچند «6»، وهو من أعلام الشياطين، وأعيان أولئك الملاعين، يدل على الملوك بعز أقعس، ويرنو إلى القروم بطرف أشوس، قد قضى في الكفر معظم عمره، وغني بهيبة الملك وبسطة الأمر عن تجشيم بيضه وسمره. ولم يقصده أحد إلا ارتد عنه مغلولا، وعاد عقده عنه محلولا. عزة «7» حال، وكثرة مال، وقوة رجال، وعدة أفيال. ووثاقة معاقل وحصون، وملك عن مطامع الأنام «8» ومطامح الوهن والانثلام [221 أ] مصون. فلما رأى السلطان قد قصد قصده، وجرد لمجاهدته جهده، رتب فيوله وخيوله وراء غياض لو رميت بأفراد الإبر، لاتقتها الأرض بأوراق الشوك والشجر، وأغرى السلطان به بعض طلائع جيوشه، فثاروا «9» إليهم يخرقون تلك الآجام خرق الأمشاط منابت الشعور، بل الأشافي «1» مخارز «2» السيور.

وأعرضت للسلطان طريق من فوق القلعة المذكورة، فلم يرع أهلها إلا البحر الأخضر، والله أكبر، والسيوف لا تبقي ولا تذر. فثبتوا للجلاد مستقتلين، وتواصوا بالمنايا مستبسلين، والسيوف تأخذهم من فوق وقدام، وتبضعهم ما بين لحوم وعظام «3» وحملاتهم بينها تتصل اتصال الكعوب، وضرباتهم تتوالى توالي الغيث المصبوب، غير أن الله منزل الحديد ذي البأس الشديد «4» هو الذي إذا شاء قطع، وإذا شاء نبا وامتنع.

كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... وتقطع أحيانا مناط القلائد «5»

فإن نالت من أولياء الله، فلأجر الاستشهاد، وثواب المعاد، وإن نبت فلإعجاز «6» القدرة، وإظهار العبرة؛ ليعلم أن الحكم لله في كل مخذول [221 ب] ومعصوم، ومحروس «7» ومقصوم.

पृष्ठ 404