ولما رأى چيبال ما قد دهاه، جزاء عما نقضه من عهده، ونكثه من مرائر «7» عقده، ورأى جنوده «1» ووجوه رجاله جزر السيوف [18 أ] القواطع، وطعم النسور والخوامع «2»، سقط في يده، وفت في عضده، ونالت منه الندامة، وقامت عليه القيامة. وبقي زمانا مبهوتا على حاله «3»، لا يعرف الرأي في ظهر إدباره، أو في وجه إقباله. ثم حركته الأنفة لاستئناف المناجزة طلبا للثأر وطمعا في الانتصار، ففكر ودبر، ثم أقبل وأدبر «4»، ثم عزم وقرر، ونادى فحشر، وثار في مائة ألف أو يزيدون، وبلغ الأمير خبره، فقابل إقباله بالاستقبال، وحرض المؤمنين على القتال، وسار بقلب منشرح، وأمل منفسح، حتى إذا دنت «5» الخطى بين الفريقين، فرع «6» الأمير ثنية مشرفة على سواد الكفرة، فإذا النمل محشورا «7»، والجراد مبثوثا منشورا «8»، فراعه «9» منهم ما يروع الذئاب من سوائم الغنم، والليوث الجياع من هوامي «10» النعم. وحث أولياء الله على الكفرة القلف «11»، فأجابوه سراعا بقلوب محشوة بالدين، مملوءة من صدق اليقين، وتقدم إليهم بأن يتناوبوا الحملات بينهم في كل حملة خمسمائة غلام بالدبابيس الحاطمة، والقراتكينيات «12» الهاشمة، حتى إذا أبلوا عذرهم «1» في الجهاد، خلفهم من أضرابهم من ينوب منابهم رضا «2» [18 ب] وهضا «3»، وطعنا وطحنا، ففعلوا ما أمرهم، واحتذوا ما رسمهم. فلم تزل هذه حالهم حتى استغاث الملاعين من حر الوطيس، ووقع الدبابيس، وهموا بأن يجعلوها حملة واحدة «4» تزحزح الأقدام، وتقتلع الجيش اللهام «5»، فعندها [حمي الوطيس، واختلط المرؤس بالرئيس] «6»، وتداعت الصفوف، وعزلت العوامل إلا السيوف، واختلفت الضربات، فمن واحدة تقط الهام، وأخرى تقد الأجسام.
وثارت عجاجة غبراء سترت العيون عن الأشباح، فلم تعرف الصفاح من الرماح، ولا الرجال من الأفيال، ولا الأبرار من الفجار، ثم انجلت عن هزيمة الأنجاس الأرجاس، وإسلامهم «7» عدتهم وعتادهم، وأسلحتهم وأزوادهم، وفيلتهم وكراعهم، وقد غصت البيداء بجيف قتلاهم بين جريح بحد الحسام، وطريح من هول ذلك المقام، سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا «8».
पृष्ठ 36