162

وأمر بالثائرين «11» فجاش إليهم من حواشي الجيوش من طبقوهم بالهض والرض، وأضجعوهم- إلا من [91 ب] شاء الله- على صعيد من الأرض. واستخار الله في الكر على بغاة السوء محاكما إياهم إلى البيض القواطع، ومدليا ببينات الرماح الشوارع، ومسجلا على الانتصاف منهم بشهادات النسور والخوامع. وأقبل فرتب الجيوش قلبا كثهلان «1»، وميمنة كرضوى «2»، وميسرة كأبان «3»، وحصن المصاف بزهاء مائتين من فيلة «4» كرعن «5» الجبال، أو دكن السحاب الثقال، مغشاة بتجافيف لم يعور منها غير حدق النواظر، وحدائد «6» الأنياب الفواقر «7»، تهول ساستها عليها بمرهفات كالبروق الخواطف، وصفارات كالرعود القواصف، وقد نشرت «8» عليها التماثيل السود كأنها الأساود «9» والأسود، يخيل اضطراب الرياح فيها أنها تزحف للالتهام «10»، أو تنقض لاختطاف الهام.

وتعالت عليها أطراف العوامل، فكأنها آجام السواحل، تأويها شياطين الأنس فرسانا، وعفاريت الترك والهند مردا وشبانا، تبص «11» عليهم سابغات داود «12» كصفائح الماء تجلوها الشمس سافرة، وتزهاها الشمال سائرة، قد جعلوا الدروع وقاية للأجسام، وظاهروا عليها [92 أ] بالقلوب حرصا على الانتقام، فهم يأنسون بمباشرة القتال، ومساورة الأفيال، واستثارة المنايا عن مرابض الآجال، أنس العيون بأناسيها الباصرة، والقلوب بأمانيها الحاضرة.

पृष्ठ 170