ثم ارتحلوا [59 أ] على وجه نيسابور. ولما تسامع أبو علي بنبئهم «6»، فارقها منحدرا إلى جرجان على الوثيقة التي كان أخذها على فخر الدولة، في بذل المشاركة، وصدق المساهمة حتى ألم بها «7»، وكتب إليه بالحالة التي ألجأته «8» إلى قصد ولايته، والانقطاع إلى جانب مملكته. وأرسل أبا نصر الحاجب إليه في تقرير حاله، واستدعاء معونته بذاته وماله. واستناب «9» الصاحب في تنجز ما كان يعده لنفسه على الأيام من بركة وصاله، ويعده لها من ثمرة وداده، فأمر بمال يقام مياومة لوكيله، وبألفي ألف درهم من ارتفاعات جرجان لأهل عسكره. وأقام هو وفائق حتى انحسر عن غرة الربيع قناع الشتاء، [وانكشف عن الزمهرير آفاق السماء] «1».
وقد كان الرضا انحرف عند انحدار الأميرين سبكتكين وسيف الدولة إلى نيسابور بعبد الله بن عزير إلى طوس التحافا عليه «2» مما صوره له من إرصادهما إياه بالمكروه، على ما دعته النصيحة إليه من مناقشتهما في بعض الأموال والأعمال، فنهض الأمير سيف الدولة محمود على أثره إظهارا للبراءة، واستشعارا للطاعة، واستتماما للخدمة، وإزاحة لعارض الظنة. وطار عبد الله بقوادم العقاب تحت خوافي [59 ب] الليل إلى مرو على عوادل الطرق إشفاقا على نفسه من عادية التضريب، فعل المتهم المريب.
وتلقى الرضا مورد سيف الدولة بأتم إقبال وإشبال «3»، وصرفه وراءه على أحسن حال «4»، وأنعم بال. ثم ارتحل بعقبه إلى مرو لا حقا بوزيره، ثم «5» منها إلى بخارى حتى استقر بها على سريره.
وقد كان الأمير سبكتكين وسيف الدولة حين وصلا إلى نيسابور فرشا مهاد العدل، ورفعا عماد الأمن، وتتبعا رسوما كانت جانفة «6» من قبل. فنسخاها ببث الرأفة، وحسم المخالفة «7»، وارتياد مصلحة الكافة. فانشرحت الصدور، واستقامت الأمور، وأمنت الطرق، واتصلت القوافل والرفق «8».
पृष्ठ 114