यहूदी विचारधारा और इतिहास में
اليهودية في العقيدة والتاريخ
शैलियों
سنة 586ق.م. وسبوا عددا غفيرا من أهلها ساقوهم إلى بابل حيث عاشوا عبيدا مسخرين إلى أن غزا الملك الفارسي كيروش «قورش» الكبير بابل سنة 538ق.م. وأطلق من بها من اليهود وقد أشربوا حضارة أعرق من حضارة العبريين وأرقى، وخبروا ما كان للبابليين من مناسك واحتفالات تعبدية وقصص دينية، فلما قفلوا إلى إسرائيل إذا هم يجدون من بقوا فيها من الطغام قد لابسوا من حولهم من الشعوب وتطبعوا بطباعهم وعبدوا آلهتهم، فلم يجد الكهنة بدا من التنديد بأولئك الآلهة الأجناب. وكان من أثر الذلة التي ضربت على بني إسرائيل في الأسر زهاء نصف قرن أن عمدوا إلى التشبه بإلههم القومي والازورار عن منافسيه. ولكن ذلك لم يكن هو التوحيد بالمعنى العلمي للكلمة.
وقد فند و. روبرتسن سميث القول بأن اليهود أسهموا في إدخال التوحيد على العقائد الدينية، وأوضح أن ما يسمونه الاتجاه نحو الوحدانية إن هو إلا الاتحاد بين الدين والحكم الملكي.
ونحن حين نتحدث عن وحدانية الله نتحدث ضمنا عن البعث في يوم الدينونة ومجازاة المسيء بالعقوبة والمحسن بالمثوبة، فذلك من متممات معنى الألوهية ووحدانيتها، وبغيره يكون الإيمان بالوحدانية ناقصا غير تام. بيد أن اليهود لم يكونوا يؤمنون بالبعث والجزاء بعده، ولم يكن يدور في أخلادهم شيء عن النعيم والجحيم في الدار الأخرى، ولم يعرفوا شيئا من أمر الملائكة المجنحين إلا بعد أن شاهدوا صورها في الآثار البابلية مدة سبيهم في بابل؛ ولهذا عد النقاد ذكر الملائكة في الآية: «وسمعت صوت إنسان بين أولاي فنادى وقال يا جبرائيل فهم هذا الرجل الرؤيا» ... (دانيال 8: 16).
دليلا قاطعا على أن سفر دانيال لم تخطه يراعة النبي دانيال عند سقوط بابل في يدي قورش سنة 538ق.م بل كتبه آخرون بعد ذلك بثلاثة قرون أو أربعة حول سنة 164ق.م.
أجل، كان اليهود يعتقدون أن من أثم منهم لقي عقابه في العاجلة، فرتبوا على ذلك أنه إذا أصاب امرءا منهم أذى في نفسه أو في عياله أو ماله كان ذلك دليلا على أنه سلف له اقتراف إثم كبير يطلقون مخيلاتهم في تصوره ويلصقونه به.
ولما برهنت المشاهد المتكررة على فقدان الارتباط بين ما يأتيه الإنسان من خير أو شر وما يلقاه في حياته من هناءة أو شقاوة
136
لم يكن هناك مناص من القول بأن العقاب والثواب يحدثان في حياة أخرى بعد الموت. وقد وردت أول إشارة في العهد القديم إلى يوم كيوم البعث في سفر أشعيا. وقد عاش أشعيا في نحو القرن الثالث ق.م.
إن القول بأن فكرة الوحدانية طرقت أذهان العبريين في سيناء خطأ لا يقل في جسامته عن القول بأن لغات البشر كان منشؤها عند برج بابل. لقد كانت أمخاخ العبريين الذين نحلهم أحفادهم ابتكار الوحدانية لا تسمو كثيرا على مخ الإنسان الشبيه بالقرد، فلم يكن في طوقهم أن يتصوروا صورة ثقافية كهذه. وكل ما حدث هو أن موجة من التعصب القومي غمرت اليهود في زمن متأخر إثر عودتهم من السبي البابلي، وأن رجال الكهنوت آنسوا في هذا الاتجاه كسبا أدبيا ومغنما ماديا لهم فعاضدوه وناصروه.
137
अज्ञात पृष्ठ