[29]
العزيز بإخراج قوم من السجن، فأخرجتهم وتركت يزيد بن أبي مسلم، كاتب الحجاج، فحقد ذلك علي ونذر دمي.
فإني بإفريقية، إذ قيل لي: قدم يزيد بن أبي مسلم صارفا لمحمد بن يزيد، مولى الأنصار، من قبل يزيد بن عبد الملك، بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، فهربت منه، وعلم بمكاني، فأمر بطلبي، فطفر بي، وصير بي إليه. فلما رآني قال لي: لطالما سألت الله أن يمكنني منك! فقال وضاح: وأنا، لطالما سألت الله أن يعيذني منك! قال: فو الله ما أعاذك مني، والله لأقتلنك، ثم والله لأقتلنك، والله لو سابقني ملك الموت إليك لسبقته. ثم دعا بالسيف والنطع، فأتى بهما، وأمر بالوضاح، فأقيم في النطع وكتف، وقام وراءه رجل بسيف، وأقيمت الصلاة، فخرج إليها، فلما سجد أخذته السيوف، ودخل إلى الوضاح من قطع كتافه وخلى سبيله، وقال: انطلق راشدا.
وكان سبب قتل بن أبي مسلم، إنه أجمع أن يصنع بأهل إفريقية ما صنع الحجاج بأهل العراق، من رده من من الله عليه بالإسلام إلى بلده ورستاقه، وأخذهم بالخراج، فقتلوه وأعادوا محمد بن يزيد، مولى الأنصار، وكان محبوسا في يده، وكتبوا إلى يزيد بن عبد الملك يقولون: إنهم لم يخلعوا يدا من الطاعة، ولكن يزيد بن أبي مسلم سامهم ما لا يرضى الله به ولا المسلمون، فقتلناه، وأعدنا عاملك محمد بن يزيد.
فكتب إليهم يزيد بن عبد الملك: إني لم أرض بما صنع يزيد بن أبي مسلم. وأقر محمد بن يزيد على إفريقية، وكان ذلك في سنة اثنتين ومائة.
पृष्ठ 47