[9]
أبو الكوفة أبو جبيرة بن الضحاك الأنصاري.
وكان عمر يقول لكاتبه، ويكتب إلى عماله:
إن القوة على العمل ألا تؤخروا عمل اليوم لغد، فإنكم إن فعلتم ذلك تداكت عليكم الأعمال، فلا تدرون بأيها تبتدون، وأيها تأخذون.
وكان عمر أول من دون الدواوين من العرب في الإسلام، وكان السبب في ذلك، أن أبا هريرة قدم عليه من البحرين ومعه مال، فلقي عمر، فقال له عمر: ماذا جئت به؟ قال خمس مائة ألف درهم، فقال عمر: أتدري ما تقول! قال: نعم، مائة ألف درهم، ومائة ألف درهم، ومائة ألف درهم، ومائة ألف درهم، فقال عمر: أطيب هو؟ قال: لا أدري. فصعد عمر المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلناه كيلا، وإن شئتم أن نعد عدا. فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديوانا لهم. قال: دونوا الدواوين.
ولما أمر عمر الفيرزان حضره وقد بعث بعثا له، فقال له: هذا البعث قد أعطيت أهله الأموال، فإن تخلف منهم رجل وأخل بمكانه فما يدرى صاحبك. وأشار عليه بالديوان، وفسره له وشرحه، فوضع عمر الديوان.
ولما استكتب أبو موسى زياد ابن أبيه، كتب إليه عمر يستقدمه.
فاستخلف زيادا على عمله، فلما قدم عليه عمن استخلفه، فأعلمه إنه استخلف زيادا، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنه ضابط لما ولى، خليق بكل خير.
وكتب إليه يأمره بالقدوم عليه، والاستخلاف على العمل. فاستخلف زياد عمران بن حصين، وقدم عليه. فقال عمر، لئن كان أبو موسى استخلف حدثا لقد استخلف الحدث كهلا، ثم دعا بزياد، فقال له: ينبغي أن تكتب إلى خليفتك بما يجب أن يعمل به. فكتب إليه كتابا، ودفعه إلى عمر، فنظر فيه ثم قال: أعد، فكتب غيره، فقال له: أعد، فكتب الثالث، فقال عمر: لقد بلغ ما أدرت في الأول، ولكني ظننت إنه قد روى فيه، ثم بلغ في الثاني ما أردت أن أضع منه، لئلا يدخله العجب فيهلك.
पृष्ठ 13