فحدثني ابن قديد، قال: حدثني عبيد الله بن سعيد بن عفير، عن أبيه، قال: أخبرني المغيرة بن الحسن بن راشد، عن حرملة بن عمران التجيبي، قال: " أقام مروان بمصر شهرين ثم جعل ولاية مصر إلى ابنه عبد العزيز جعل إليه صلاتها وخراجها، فقال عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، كيف المقام ببلد ليس به أحد من بني أبي؟ فقال له مروان: يا بني عمهم بإحسانك يكونوا كلهم بني أبيك، واجعل وجهك طلقا تصف لك مودتهم، وأوقع إلى كل رئيس منهم أنه خاصتك دون غيره يكن عينا لك على غيره، وينقاد قومه إليك وقد جعلت معك أخاك بشرا مؤنسا، وجعلت لك موسى بن نصير وزيرا ومشيرا وما عليك يا بني أن تكون أميرا بأقصى الأرض، أليس ذلك أحسن من إغلاق بابك وخمولك في منزلك ".
وقال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي:
إذا ما استبدلوا أرضا بأرض ... لذي العقب التداول والطواء
فبالأرض التي نزلوا مناهم ... وبالأرض التي تركوا اللقاء
حدثنا موسى بن حسن بن موسى، قال: أخبرنا حرملة بن عمران، أن عبد العزيز بن مروان، قال: أوصاني مروان حين ودعته عند مخرجه من مصر إلى الشام.
فقال: " أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأوصيك أن لا تجعل لداعي الله عليك سبيلا، فإن المؤذنين يدعون إلى فريضة افترضها الله عليك {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: 103] ، وأوصيك أن لا تعد الناس موعدا إلا أنفذه وإن حملت على الأسنة، وأوصيك أن لا تعجل في شيء من الحكم حتى تستشير، فإن الله عز وجل لو أغنى أحدا عن ذلك لأغنى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عن ذلك بالوحي الذي يأتيه، قال الله عز وجل: {وشاورهم في الأمر} [آل عمران: 159] "
وخرج مروان من مصر لهلال رجب سنة خمس وستين، فكان مقامه بمصر من يوم دخلها إلى خروجه عنها شهرين، وكان على شرطه في مقامه بها عمرو بن سعيد بن العاص.
पृष्ठ 38