अस्तित्ववाद: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
الوجودية: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
هذه هي دائرة الحاضر «الفوري» من المنظور الزمني. وقد لوحظ أن نطاق الاختلافات التي تتصف بها قد يمتد من المادية البسيطة إلى أعلى درجات التطهير الفكري. يركز الشخص الذي يعيش هذه المرحلة - والمرء يستطيع أن يعيشها طيلة حياته - على الحاضر ويظل غير مبال بالتوبة من الماضي أو بالالتزام تجاه المستقبل إلا على نحو حذر يهدف إلى تجميل الحاضر، كما سنرى بعد قليل في حالة يوهان فاتن النساء. لقد أعجب كيركجارد بأوبرا «دون جيوفاني» التي تروي قصة زير النساء غير التائب «دون جوان»، الذي لحن موتزارت قصته كغاو لا يمل من ملاحقة النساء في أحد أفضل العروض الأوبرالية على الإطلاق. الدون، الذي يأخذه كيركجارد نموذجا رئيسيا للدائرة الجمالية، يعيش فقط من أجل الإشباع الجسدي في اللحظة الحالية. ويتكرر حضوره في الأوصاف الواردة في كل من «خطوات على طريق الحياة» و«إما/أو».
القصة الأولى في كتاب «خطوات على طريق الحياة» هي قصة اجتماع «جمالي» عادي بعنوان «النبيذ مصل الحقيقة»، وهي تمثل كلمة السر في الحدث. القصة محاكاة ساخرة لمأدبة أفلاطون الشهيرة عن الحب «المائدة». في كلا العملين ينصب تركيز حاضري المأدبة السكارى على الشرب والخطب تمجيدا في الحب. لكن إن كانت حفلة أفلاطون تركز أخيرا على مشاعر «الحب» الدائم والصادق التي تنتاب المرء بالتضاد مع الانجذاب العابر للجمال الحسي، فإن «النبيذ مصل الحقيقة» هي احتفال بالجمال الحسي في لحظاته العابرة. في حقيقة الأمر، فورية وآنية الحدث مفهومة من خلال تقديم الدعوات في الدقيقة الأخيرة واستعداد طاقم العمل لتفكيك مكان الاجتماع فور انتهائه. وكما يعلق أحد المشاركين: «لكي يكون الشيء جميلا، لا بد أن يكون فوريا؛ لأن «الفورية» هي الأروع من بين جميع الصفات ...» تذكر تحليل سارتر للشخص الذي «يقفز من أجل السعادة» حرفيا في محاولته العبثية لتكثيف تجربة مبهجة في لحظة واحدة.
المثير للدهشة أن المعربدين يدخلون قاعة المأدبة على ألحان أوبرا موتزارت، وتدور حواراتهم المتنوعة حول الحب الشهواني أو العلاقات المبتذلة بين الرجال والنساء. يقدم الحوار الختامي إحدى شخصيات كيركجارد - يوهان فاتن النساء - التي قدمها في عمل سابق، وهو «إما/أو». وبما أنه يجسد الحياة في الدائرة الجمالية، دعونا نستعرض هذا النطاق بالتفصيل بالرجوع إلى مقدمته في ذلك العمل السابق. «مذكرات فاتن نساء» هي إحدى أروع قصص كيركجارد عن الحياة في الدائرة الأولى، وتحكي عن مكائد «يوهان فاتن النساء»، الذي تعد خططه محاكاة ساخرة للتطور الخليع لدون جوان. في حقيقة الأمر، استخدمت سطور من الأوبرا كقصيدة قصيرة ساخرة في بداية القصة. ينجذب يوهان إلى شابة تبلغ ستة عشر عاما، اسمها كورديليا؛ حيث يلاحظها في الشارع برفقة خالتها التي تعتبر أيضا راعيتها، ثم يصادف بعد ذلك رجلا شابا من الواضح أنه مسحور بنفس الفتاة، ويشرع في مصادقته بحجة مساعدته في التودد إليها. وبعد أن يتمكن من دخول بيت الفتاة بصفته صديق الرجل الشاب، يشرع يوهان في الفوز باستحسان الخالة حتى وهو يفتن الفتاة العذراء. وسرعان ما ينبذ الرجل الشاب من صحبة يوهان لاعتباره عائقا أكثر منه ميزة. تروى قصة إغواء الشابة كورديليا وهجرها لاحقا في سلسلة من الخطابات المتبادلة بينهما. يبدو يوهان غير مبال بالألم الذي يسببه، عاقدا العزم بشدة على الحصول على «اللذة المطلقة»، التي يحتال بعدها على كورديليا ليقنعها بأن تفسخ خطبتهما فتتحمل هي مسئولية الانفصال. يعلق يوهان: «يكمن شقاء الخطبة دائما في جانبها الأخلاقي. والأخلاقي ممل في الفلسفة مثلما هو كذلك في الحياة ... سأعمل ما بوسعي بالتأكيد كي تفسخ هي الخطبة.» لا شك أن يوهان أقل عفوية من الدون، إلا أن هدفه واحد: الاستمتاع اللحظي الذي يعقبه هجر دون ندم. يجسد يوهان الغموض الثري لمصطلح «الجمالي» ولهذه الدائرة الوجودية عندما يجادل قائلا: «إضفاء طابع شعري على الذات للتأثير على فتاة شابة هو فن، أما إضفاء طابع شعري على الذات للهروب منها فهو تحفة فنية.» إن محب الجمال هو شاعر من نوع ما. (1-2) المرحلة الأخلاقية
يدرك كيركجارد أن يوهان ليس فاسقا، وإنما يفشل ببساطة في ممارسة اللعبة الأخلاقية من الأساس؛ فقواعد الصواب والخطأ لا تنطبق على دائرة وجوده. فكل اعتبار لديه يستهدف الحاضر، حتى لو كان هذا «الحاضر» يكمن في المستقبل، كما في تقديرات فاتن النساء بخصوص كورديليا. لا مجال هنا للتوبة من الماضي أو التعهد تجاه المستقبل، وهما السمتان المميزتان للدائرة الأخلاقية. يغيب مفهوم الوجودي عن «الالتزام» عن هذا الحديث. فالتوبة، والتعهد، والالتزام هي صفات أخلاقية يظهر دورها بعد تجربة «الانتقال» أو «التحول» التي تعتبر تدريبا على الاختيار الحر؛ وبالتالي على الفعل الفردي. وفي خطوة سوف نستفيض فيها بعد قليل، فإن هذا «الانتقال» ليس التطور الطبيعي - ناهيك عن كونه الضروري - للمرحلة السابقة كما توحي القراءة الهيجلية للموقف. يبدو أن كيركجارد يؤمن بأن معظم الناس يعيشون طيلة حياتهم في الدائرة الجمالية. على أي حال، فإنه يرى أن محب الجمال غير قادر على الاختيار الذي يمكنه من أن يصبح فردا. مثلما يحذر القاضي ويليام - شخصية أخرى من شخصيات كيركجارد - محب الجمال الشاب الذي يصر - في «إما/أو» - على أن الحياة حفلة تنكرية:
ألا تعلم أن الليل عندما ينتصف يخلع الجميع أقنعتهم؟ ... لقد رأيت رجالا في الحياة الواقعية لطالما خدعوا الآخرين، حتى إن طبيعتهم الحقيقية في النهاية لا تستطيع أن تكشف نفسها ... أو هل يمكنك أن تفكر في أي شيء أكثر ترويعا من أن تصبح طبيعتك متعددة، أنك قد تصبح حقا أكثر من واحد، تصبح - مثل أولئك الممسوسين التعساء - حشدا فتفقد بذلك أعمق وأقدس شيء على الإطلاق في الإنسان، ألا وهو القوة الموحدة للشخصية؟ ... قد يكون [مثل هذا الشخص] منغمسا بشكل غير مفهوم في علاقات الحياة التي تتجاوز نفسه بكثير، حتى إنه يكاد لا يستطيع أن يكشف عن نفسه. لكن من لا يستطيع أن يكشف عن نفسه لا يستطيع أن يحب، ومن لا يستطيع أن يحب فهو أتعس إنسان على الإطلاق.
يوضح القاضي الفكرة الوجودية العامة بأن الاختيار مكون للذات ومحرر لها. تذكر أنه على الرغم من أن الفلسفة الهيجلية، من وجهة نظر كيركجارد، تشدد على «التوسط» بين البدائل، الذي ترقيه إلى مرحلة أو وجهة نظر أسمى وأشمل، فإن الفكر الوجودي يشدد على الاختيار؛ على «إما/أو» التي تنطوي على المخاطرة والالتزام والفردية. يقترح القاضي تشبيها ملائما:
فكر في القبطان على متن سفينته في اللحظة التي يجب فيها تغيير اتجاهها. قد يقول: «أستطيع أن أفعل إما هذا أو ذاك»، لكن في حالة ما لم يكن ملاحا متمكنا، فسيكون واعيا في الوقت نفسه بأن السفينة تبحر في مسارها المعتاد، ولهذا فالسفينة لا تأبه للحظة واحدة بما إن كان سيفعل هذا أو ذاك. الاختيار إذن في يد إنسان. إذا نسي أن يضع تحركها إلى الأمام في الاعتبار، فستأتي في نهاية المطاف لحظة لن يكون فيها بعد ذلك أي مجال لإما/أو، ليس لأنه قد اختار، لكن لأنه أهمل الاختيار، وهو مرادف لقولنا: إن آخرين اختاروا بالنيابة عنه، أو إنه خسر نفسه.
يعلمنا هذا الدرس الوجودي القائل: إن حياتنا كلها عملية اختيار متواصل، وإن الفشل في الاختيار هو في حد ذاته اختيار نحن مسئولون عنه بالقدر نفسه. يصوغ سارتر هذا بوضوح حين يجزم بأنه في نظر الواقع البشري [الكائن البشري]، الوجود يعني الاختيار، وعدم الاختيار يعني عدم الوجود. كما يردد سارتر ما قاله كيركجارد عن علاقة الاختيار بتكوين الذات عندما يضيف أنه - في نظر الواقع البشري - كي توجد لا بد أن تختار نفسك. «الاختيار» الأساسي الذي يطرحه القاضي أمام محب الجمال الشاب هو ما سميناه بالاختيار المؤسس للمعايير. كما يفسر قائلا: «لا يشير استخدامي لإما/أو في الحالة الأولى إلى الاختيار بين الخير والشر، لكنه يشير إلى الاختيار الذي وفقا له يختار الإنسان الخير «و» الشر/أو يستثنيهما.» بعبارة أخرى: إنه يمثل قرارا ب «ممارسة اللعبة» التي تطبق فيها تصنيفات الخير والشر الأخلاقية. في حالة كيركجارد، فإن السمة المميزة للأخلاق هي الطبيعة العامة وغير الاستثنائية لقواعدها. يجعل الخلق الذي يطرحه كيركجارد - والمستوحى من كتابات الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط في القرن الثامن عشر - جوهر الفسوق في جعل المرء نفسه استثناء لقاعدة يريد الجميع أن يلاحظه. ويشير كانط أيضا إلى أن السبب الوحيد الذي يجعلنا نكذب أو نخون أو نسرق هو أن الآخرين لا يفعلون ذلك. ليس هدفه ببساطة هو أن العواقب الاجتماعية لهذا الاختيار ستكون وخيمة، مثلما يجادل النفعيون (الذين يؤمنون بأن الأفعال تكون صوابا لو كانت مفيدة للأغلبية)، وإنما هدفه هو أن تعميم الممارسة - أي ترغيب الجميع بأن يفعل المثل - أمر مستحيل من الناحية العملية؛ لأنه لو كذب الجميع، فلن يصدق أحد؛ وبالتالي سيصبح الكذب مستحيلا. يدل هذا أيضا على أن هذا السلوك سيحول الآخرين الذين يطيعون القواعد الأخلاقية إلى مجرد أدوات تخدم غايات من لا يطيع القواعد، وفي هذا انتهاك صريح للقيمة الجوهرية لكل فرد، وهو ادعاء وجودي تقليدي. إننا نتعامل مع مجموعة من القواعد مثل الوصايا العشر أو القاعدة الذهبية، لكنها مصاغة بلغة غير دينية. يمكن أن يكون الشخص عادلا أو مستقيما، مثلما كان سقراط والقنصل الروماني بروتس (الذي لم يستثن ابنه من عقوبة الإعدام بتهمة الخيانة العظمى، مع أنه كان بوسعه ذلك)، دون أن يكون مطلعا على التوجيهات الإنجيلية. في واقع الأمر، يعتبر سقراط - بسبب إطاعته لقوانين أثينا حتى عندما أدانته ظلما - نموذجا معبرا عن الدائرة الأخلاقية؛ فهو لم يضع نفسه فوق القاعدة العامة، مع أن ما فعله سبب له ضررا واضحا. يسمي كيركجارد هؤلاء الأفراد ب «الأبطال التراجيديين» لكنه يضيف أنه - على عكس إبراهيم - «يبقى البطل التراجيدي داخل نطاق الدائرة الأخلاقية». (1-3) المرحلة الدينية
في رأي كيركجارد، تشكل «القفزة» الإيمانية مدخلا إلى الدائرة الدينية وأعلى صورة من صور التفردية. هنا، ليست التصنيفات المؤثرة هي اللذة والألم - كما في الدائرة الجمالية - ولا الخير والشر - كما في الدائرة الأخلاقية - بل الخطيئة والنعمة الإلهية. نموذجنا هنا هو إبراهيم، الذي كان في القصة الواردة في سفر التكوين مستعدا للتضحية بابنه الوحيد طاعة لأمر الله، على الرغم من الوعد الإلهي بأن الرجل العجوز سيكون أبا «للعديد من الأمم». يتمثل البعد المؤقت لهذا الحدث الاستثنائي في «اللحظة» التي تتم فيها هذه النقلة «اللانهائية». تتوقف التصنيفات الأخلاقية استجابة لأمر إلهي موجه إلى إبراهيم وحده وباسمه. في هذا السياق، لا يمكن تعميم دوافع الأفعال في المرحلة الدينية مثلما تتطلب المرحلة الأخلاقية. بعبارة أخرى: الفرد المتدين «لا يخضع لمعايير الخير والشر»، بحسب نيتشه؛ وبالتالي يمكن اعتبار تصرفاته فاسدة. من الناحية الأخلاقية، لا يملك إبراهيم كلمات يبرر بها تصرفه الغريب لزوجته. وهو لا يستطيع الاعتماد على يقين المبادئ العامة ولا على دعم المنطق العام. إنه وحده بين يدي الله؛ الواحد الكامل. يخرج إبراهيم من هذا الملجأ المجهول (الذي «يوجد» فيه) بأكثر الصور تطرفا. وهو يقوم بهذه النقلة متجاوزا الدائرة الأخلاقية، فإنه يشعر بالقلق الناجم عن حريته، حتى مع إدراكه لمجازفة أن هذا الأمر، المناقض للمبادئ الأخلاقية العامة، قد لا يكون إلهيا من الأساس. يرقى الفرد المتدين فوق ما هو عام، ومن وجهة النظر الدينية، فإن «الإغراء» الآن يتمثل في عكس هذه العلاقة، أي جعل الأخلاقي/العام مطلقا، بمعنى عمل ما هو «أخلاقي» وعدم طاعة الأمر الإلهي. هذه بحق «قفزة» إيمانية.
يقال إن تفسير كيركجارد لهذه القصة الإنجيلية أدى على نحو عفوي إلى ظهور ما يسمى ب «أخلاقيات الموقف» المرتبطة بوجودية سارتر ونيتشه. إنها مقاربة لفهم عملية اتخاذ القرار الأخلاقية التي تراعي كل حالة أخلاقية باعتبارها حالة فريدة ولا شبيه لها، إلا لو كانت قاعدة عامة لا خلاف عليها. هكذا يتحدث سارتر عن رجل شاب يواجه خيار البقاء في فرنسا التي احتلها النازيون مع أمه التي يشتبه في تعاون زوجها مع العدو والتي قتل ابنها البكر في الهجوم الألماني عام 1940، أو مغادرة البلاد ليحارب مع القوات الفرنسية الحرة. لو طلب النصح من طرف يميل إلى أحد الخيارين أو الآخر، لكان بالفعل اتخذ قراره. بدلا من ذلك، يتحدى سارتر قائلا: «أنت حر، لهذا اختر؛ ابتكر.» وكما أوضح: «لا توجد قاعدة أخلاقية عامة يمكن أن تريك ما عليك عمله؛ لا توجد إشارات تريك ما عليك عمله في هذا العالم. سيجيب الكاثوليك: «لكن هناك قواعد فعلا!» حسنا، مع هذا، فأنا نفسي - في كل حالة - من يجب أن يفسر هذه الإشارات.» تعد مخاطر وثمار «الإبداع الأخلاقي» فكرة أساسية في الكتابات الوجودية، لا سيما التي يتناولها نيتشه وسارتر ودي بوفوار.
अज्ञात पृष्ठ