50

بل عفوا أيها السيد الجليل إذا قلت: كأنك أنت تشفق على نفسك من الحركة. لا تؤاخذني فيما أقول يا سيدي، فإنني أحد من يطلبون ما عندك.

فقال الشيخ باسما: أنت؟

فقال سيف: عفوا يا سيدي، فكأنك تشير إلى ما اعتراني في تلك الأشهر الماضية.

فقال الشيخ هادئا: بل أشفق عليك يا ولدي. - وكيف؟

فقال الشيخ بعد لحظة صمت: لقد كلمتني صريحا فلأجبك صريحا.

ثم سكت لحظة أخرى واستأنف بعدها: إنك أمير وابن أبرهة.

وصمت مرة أخرى ينظر إليه، وخيل إليه أنه يرى حمرة خفيفة على وجه الفتى.

ومضى قائلا: وهذا الذي أصفه لك من فساد الضمائر وإسفاف النفوس وزر من أوزار الحكم. لا تؤاخذني فقد قلت إنني سأكون صريحا. بل لا يغضبك قولي؛ لأنني أقوله لك على أنني أمت إليك بصلة من القربى لا تعرفها.

فقال سيف: بل أعرفها، فإن أمي أخبرتني.

فقال الشيخ مرتاحا: لست أحاول أن أسمو إلى مقام الملكة، فما أنا إلا رجل من العرب وهي ملكة اليمن. ولكني أتوسل إليك بصلة القربى ليكون قولي عندك رفيقا. فإذا أردت أن تحرك الأفكار وأن تجعل الناس يتحركون، كنت بمثابة من يريد أن يزلزل الأرض تحت أقدامه.

अज्ञात पृष्ठ