توثيق النص القرآني:
لقد انفرد القرآن الكريم من بين الكتب المقدسة التي سبقته بتوثيقه توثيقا مكينا وصل إلى الذروة. وهذا هو سر خلوده وأحد مفاتيح إعجازه.
كان النبي ﷺ دقيقا كل الدقة، وحريصا كل الحرص على كتابة القرآن، فكان له كتاب وحي يتلقفون ما ينزل عليه، فيكتبونه في وعي وإدراك، ودقة وإتقان.
وكان الصحابة ﵃ يتلقون هذا القرآن من فم النبي ﷺ ويتسابقون إلى حفظه، ويتبارزون في تلاوته، والنبي ﷺ بينهم يعرضون عليه ما حفظوا، ويسمعون منه تلاوة القرآن في الصلوات الجهرية وغيرها مع بيان أحكامه وكشف معانيه. وقد شارك النساء الرجال في هذه المنافسة والشرف العظيم.
وكان حفظ القرآن وكتابته يسيران جنبا إلى جنب، ليلتقي المكتوب بالمحفوظ، فكلاهما توثيق للآخر.
لقد كان الحفظة كثيرين جدا، قتل منهم في"بئر معونة"قرابة سبعين، وكتاب الوحي بلغ عددهم تسعة وعشرين كاتبا، منهم الخلفاء الخمسة الأوائل.