इतालवी एकता

ताहा हाशिमी d. 1380 AH
171

इतालवी एकता

الوحدة الإيطالية

शैलियों

وأما خارج المجلس فكاد الرأي المعارض للميثاق أن يكون قويا مرعبا، ولا سيما في أوساط الجماعات الدموقراطية، أما غاريبالدي فصرح قائلا: «لا يربطنا ببونابارت سوى ميثاق واحد يمكن تنفيذه وهو: خلصوا البلاد من وجوده.» وقد أدمى نقل قاعدة الحكومة قلب بيمونته ولم يسلم الملك نفسه من نقمة المدينة، وقد أصاب ذات مرة ضيوفه حين ذهابهم للحضور في حفلة رقص رسمية سخرية من الجمهور، وأرسل إليه بعض النواب كتابا يسخرون منه ويطلبون إليه أن يحيط قصره بالجنود ليستطيع من في البلاط أن يرقصوا بأمان.

ولقد اشتد الهياج وانقلب إلى غضب شديد حين صرح مازيني في آذار سنة 1865 بأن الميثاق يتضمن ملحقا خفيا آخر نص فيه على أنه إذا استولت إيطالية على روما أو فنيسيه بدون مساعدة فرنسة فإنها سوف تتخلى عن جميع بيمونته حتى «سيسيه»، ولا شك في أن الإفرنسيين كانوا يحيكون الدسائس بنشاط بيمونته الغربية، الأمر الذي ساعد على أن يلقى تصريح مازيني آذانا صاغية في تورينو، وعلى الرغم من سمعة لامارمورا الحسنة ونزاهته فلم يستطع أن يعيد إلى الناس طمأنينتهم، وبلغ هياج جميع الطبقات درجة أصبح يفضل معها أن يرى قيام الجمهورية في تورينو بدلا من انضمامه إلى فرنسة.

لقد قضى قيام الحرب «الدائم» على الذعر في المجلس النيابي ولكن المستقبل كان ينذر بالخطر؛ إذ أصبح من المتعذر الحصول على أكثرية مستقرة في المجلس ، وأخذ النزاع بين الأحزاب لأتفه الأسباب يزيل من أهمية ومنزلة البرلمان، وأوشك أن يصبح الدستور في موضع خطر، وحاول ريكاسولي وأصدقاؤه أن يمنعوا اليسار من المعارضة التافهة، وأن يدمجوه بالمعتدلين المتطرفين ولكنهم فشلوا، أما الوزارة فعلى الرغم من أن أعضاءها المهمين كانوا من البيمونتيين فقد احتفظت بحيادهم بين الحزب الدائم وحزب الكونسورتيريا «عصبة الدس»، ولم تبذل أي جهد لتهدئة الأحقاد على أنها هي أيضا أصيبت بالشلل بسبب النزاع القائم بين لانزا وسيللا، وكانت لانزا مثال البيمونتي الحقيقي الدائب على تأييد سياسة الحرب.

وقد انتقل بعد سنة 1850 بلا ضوضاء إلى يمين الوسط وأصبح من المعجبين بكافور وتلاميذ كافور، ومع أنه كان كاثوليكيا مخلصا في كاثوليكيته فهو لم يتردد في القول بمبدأ الكنيسة الحرة، أما سيللا فكان مثل لانزا من الأسر البورجوازية الفقيرة في بيمونته، وكان بصفته وزيرا للمالية ذا بصيرة وخبرة وصلابة، وكان حين يضع القوانين يفكر في حاجات الخزينة أكثر من تأثير تلك القوانين الاجتماعية، وكان من حيث المذهب الاقتصادي ينتسب إلى جماعات الأحرار، وإذا كانت آراؤه المالية تضعه في مصاف رجال اليمين فإنه كان في القضايا الدينية ينحاز إلى اليسار، وكان يؤمن بالكنيسة الحرة.

وكان من الطبيعي أن يحدث الاصطدام بين رجلين مختلفي الطباع وقوى الإرادة، فسيللا يريد مثلا أن يسد عجز الميزانية بفرض ضريبة على الحبوب، أما لانزا فكان يخشى أن ترمز هذه الضريبة إلى الاستبداد القديم، كما أنه كان حريصا على ألا يتزايد الاستياء، وقد أوصى بسياسة تفاهم مع الكنيسة، وحاول أن يقلل من تدخل الحكومة في شئونها إلى الحد الأدنى، وكان لامارمورا لا يعتقد كثيرا بالكنيسة الحرة.

ولما شاهد لانزا أن أكثرية الوزارة ضده استقال في آب 1865 وترك الوزارة في ساعة حرجة، والواقع أن موقف الحكومة غدا صعبا بعد استقالته. اعتزمت الوزارة حل المجلس النيابي ظنا منها بأن البلاد قد تنتخب أكثرية مستقرة، وكانت نتائج الانتخابات في جميع الأنحاء - ما عدا بيمونته - فشلا للنواب السابقين أو كادت؛ إذ خرج منها حزب الكونسرتسريا ضعيفا جدا، أما حزب اليسار الذي كان يتمسك بمنهج ديمقراطي غير إكليركي فنال ما ناله المعارضون الأحرار الذين التفوا حول الحزب الدائم واستعدوا لتأليف حزب في مركز اليسار ويخضع لرتازي إلى حد ما، وهكذا أصبحت الأحزاب الثلاثة متوازنة بحيث أصبحت الوزارة عاجزة عن أن تضمن لها أكثرية، وفشل ريكاسولي أيضا بجهود لإدماج اليسار بأصلح رجال اليمين وساد الارتباك أكثر من قبل، وزاد نقل العاصمة في الارتباك بدلا من أن يساعد على إعادة النظام على أي صورة كانت.

وكانت ميزانية سيللا الجديدة مبدأ الخصومة؛ إذ كانت تفرض ضريبة على الحبوب والأبواب والنوافذ، فأثارت عاصفة من النقد حين لم يمر على البرلمان أكثر من شهر، وأخفقت الحكومة في مسألة ثانوية، وسبب هذا الإخفاق اقتراع معارض من قبل اليسار ومركز اليسار اللذين اتفقا ضدهما فاستقالت، ووافق لامارمورا على إعادة تأليفها آملا أن يستطيع تنفيذ المشاريع التي تؤدي إلى الاستيلاء على فنيسيه أولا ولأن الموقف كان في أشد الخطورة ثانيا، ومع ذلك فكان لا بد للقضية الرومانية من أن تظهر في كل حادثة من حوادث السياسة الداخلية، ورغم أن الميثاق عالج قضية السلطة الزمنية إلى حين، ولكن لم يمس العلاقات بين الكنيسة والدولة إلا عرضا، وكان وقعه على الإكليريكيين كالصاعقة واعتبروه نذيرا بتخلي فرنسة عنهم؛ إذا كان الميثاق جعل روما أحيانا أكثر تساهلا في أمور فرعية فإنها كانت لا تزال تشتد صلابة حينما يجري البحث حول النقاط الخطيرة.

ومع أن أنتونللي كان لا يزال يتمتع بقوة مكنته من إعادة «دي ميرودة» إلا أن إخلاصه كان موضع الريبة وكان نفوذه قد تضعضع، فأصبح البابا في قبضة رجال كان تعصبهم أكثر خطرا من أساليب أنتونللي المعوجة، وكانت سياستهم داخل الكنسية سياسة مركزية، فبينما كان الأساقفة خاضعين كل الخضوع لروما؛ كان الإكليروس الوضع تابعا للأساقفة، وكان الراهب الذي يتظاهر بالاستقلال في الرأي عرضة لأن يحرم من كثير من المزايا إن أمكن ذلك، فكاد يقضي على الرهبان الأحرار في إيطالية.

ومع ذلك ظل الذين وقعوا على مذكرة بساجلية يناضلون ولو ساعدتهم الحكومة أو الشعب لنجحوا، ولما أهملت وزارة منجيني سلاحها الماضي وتخلت عن حمايتها التي شملتهم بها، إلى ذلك التاريخ اضطر كثير من الرهبان الأحرار بعد أن يئسوا؛ إلى الإذعان، وراحت الكنيسة تزدري بالعودة إلى الرقي، بالرسالة العامة والسيلابوس؛ أي قائمة الأخطاء: «خلاصته الأحكام العامة» الملحقة بها التي أصدرتها البابوية في 8 كانون الأول 1864 تدل على أن الهوة السحيقة والبون الشاسع بين البابوية وبين الحكومة المتمدنة، وقد ذكرت قائمة الأخطاء: «بأنه من الخطأ الاعتقاد بأن البابا يستطيع أو يجب عليه أن يتفاهم أو ينسجم مع ما يسمونه بالرقي والحرية أو التمدن الحديث.»

والقائمة تهاجم الفكر والنقد الحديث من جهة وتكيل التهم للمصلحين الكاثوليك من جهة أخرى، وقد نددت بمن ينكر على الكنيسة سلطتها الزمنية أو بمن يطالب بحرية الفكر فيما يخص النظام الكنسي، وقد حملت على دعاة التسامح الديني وعلى المدارس المدنية والنكاح المدني والطلاق في البلاد الكاثوليكية، وهي تطالب بأن يكون للإكليروس بعض الإشراف على المدارس وعلى انتخاب المعلمين، وأن يعاد تأسيس المحاكم الكنسية وأن تتخلى الحكومة عن حقها بتعيين الأساقفة.

अज्ञात पृष्ठ