لم يدافع البروفيسور عن نفسه، ومن الواضح أن السيدة بارتليت لم تصدق الكثير من كل ما قاله ييتس. فقد كانت امرأة ذكية.
بعد الفطور، خرج الرجال إلى الحظيرة. وربط الحصانان بالعربة التي كانت لا تزال تحمل الخيمة والتجهيزات الأخرى. ثم ألقى هيرام الصغير فأسا ومسحاة وسط ثنايا الخيمة القماشية، وركب في مكانه، وقاد العربة معتليا المسار المؤدي إلى الغابة، وتبعه ييتس ورينمارك سيرا على الأقدام، تاركين المزارع في فناء حظيرته بتوديع مبتهج لم ير نفسه مضطرا إلى الرد بمثله.
مروا أولا بحقل قمح، ثم رقعة فسيحة من أعشاب التبن المتراقصة، التي كان أوان حشها بالمنجل قد اقترب، ثم مرعى كان فيه بعض المهور التي ركضت نحو سياجه، حيث حدقت لبرهة إلى الحصانين الملجومين وصهلت بتعاطف معهما، ثم ابتعدت في اللحظة التالية عن السياج ترفس بجموح بأعقاب محلقة في الهواء، مبتهجة بما تنعم به من حرية عكس هذين الحصانين، ووقفت عند الركن الأبعد من المرعى حيث نخرت معلنة تحديها للعالم كله. وأخيرا، وصلوا إلى الظل البارد للغابة التي كان المسار يمتد إلى داخلها فاقدا هويته كطريق مخصص للعربات بتشعبه إلى مسارات متباعدة للماشية. كان هيرام الصغير يعرف المنطقة جيدا، وقاد العربة مباشرة إلى مكان مثالي للتخييم. كان ييتس مسحورا. فقد ضم كل هذا الجزء من الريف في تلويحة جارفة بيده، وقال فجأة بانفعال عاطفي شديد:
هذه هي البقعة، وسط الأيكة.
حيث تقف أشجار البلوط، ملكة الغابة.
في هذا المكان وهذه الساعة،
سننصب خيمة لتدرأ عنا الشمس ونغتسل. «شكسبير بتصرف.»
قال رينمارك: «أظنك مخطئا.» «إطلاقا. لا يمكن أن نجد مكانا أفضل للتخييم.» «نعم أعرف ذلك. فقد اخترته من بين البقاع الأخرى منذ ساعتين. لكنك كنت مخطئا في الاقتباس الذي ذكرته. فهو ليس من تأليف شكسبير ولا تأليفك، كما يبدو أنك تظن.» «ليس كذلك حقا؟ من تأليف شخص آخر، هاه؟ حسنا، إن كان شكسبير راضيا، فأنا أيضا كذلك. أتعرف يا ريني، أظن أنني لو عددت ما كتبته، سطرا سطرا، سأجدني قد كتبت قدر ما كتبه شكسبير حوالي عشر مرات. هل يعرف الأدباء هذه الحقيقة؟ إطلاقا. هذا عالم جاحد يا ستيلي.» «إنه كذلك يا ديك. والآن، ماذا ستفعل بشأن نصب الخيمة؟» «كل شيء يا ولدي، كل شيء. فأنا أعرف عن نصب الخيام أكثر مما تعرفه عن العلم، أو أيا كان ما تدرسه. والآن، يا هيرام يا ولدي، فلتقطع لي بعض الأوتاد المتينة بطول نحو قدمين. وأنت أيها البروفيسور، اخلع عنك ذلك المعطف وهذا التراخي، وأمسك بهذه المسحاة. أريد حفر بعض الخنادق.»
وبالطبع أثبت ييتس صحة كلامه. فقد كان يفهم نصب الخيام؛ لأن تجربته في الجيش لم يكن قد مضى عليها وقت طويل. كان هيرام الصغير يحدق بإعجاب متزايد إلى براعة ييتس ودرايته الواضحة بما كان يفعله، بينما استطاع بالكاد أن يكبح احتقاره تجاه محاولات البروفيسور العقيمة لتحرير المسحاة حين علقت منه في بعض جذور الأشجار.
قال أخيرا: «من الأفضل أن تعطيني تلك المسحاة.» لكن شخصية البروفيسور كان بها قدر من العناد. لذا ظل يناضل لتحريرها بنفسه.
अज्ञात पृष्ठ