قال رينمارك: «ها هو المكان.»
فصاحت لاهثة: «من المستحيل أن يكون قد أصيب في الحقل؛ لأنه حينئذ كان من الممكن أن يصل إلى البيت الواقع على مقربة منه دون أن يضطر إلى تسلق سياج. وإذا أصيب بجرح بالغ، فمن المفترض أن يكون هنا. هل بحثت في هذا الحقل؟» «كل شبر منه. ليس موجودا هنا.» «إذن فمن المؤكد أن الإصابة وقعت بعدما عبر الطريق والسياج الثاني. هل رأيت المعركة؟» «نعم.» «هل عبر الفينيانيون الحقل وراء المتطوعين؟» «كلا، لم يبرحوا الغابة.»
قالت الفتاة باعتزاز وثقة في بسالة أخيها: «إذن، لو كان قد أصيب، فلا يمكن أن تكون الإصابة قد وقعت بعيدا عن الجانب الآخر من السياج الثاني. لقد كان آخر المتقهقرين؛ لذا لم يره الآخرون.»
عبرا السياج الأول ثم الطريق ثم السياج الثاني، وكانت الفتاة تسير متقدمة بضع خطوات عن البروفيسور. توقفت واتكأت لحظة على إحدى الأشجار. ثم قالت بصوت يكاد يكون غير مسموع: «من المؤكد أن الإصابة وقعت بالقرب من هنا. هل بحثت في هذا الجانب؟» «نعم، بحثت لمسافة نصف ميل في الحقول والغابة.» «لا لا، ليس هناك، بل بمحاذاة السياج. لقد كان يعرف كل شبر من هذه المنطقة. ولو كان أصيب هنا، لكان سيحاول الوصول إلى بيتنا فورا. ابحث بمحاذاة السياج. لا ... لا أستطيع الذهاب معك.»
سار رينمارك بمحاذاة السياج، محدقا إلى الزوايا المظلمة التي شكلتها تعرجات السياج ذي العوارض الأفقية، وكان يعلم دون النظر وراءه أن مارجريت كانت تتبعه بتناقض المرأة المعتاد مع ذاتها. وفجأة اندفعت متجاوزة إياه، وألقت نفسها وسط العشب الطويل مطلقة صرخة منتحبة جرحت قلب رينمارك كسكين حاد.
كان الفتى مستلقيا على بطنه ووجهه منكبا على العشب، وكانت يده الممدودة قابضة على العارضة السفلى من السياج. بدا أنه قد جر نفسه إلى هذا الحد ووصل إلى عقبة لا تقهر.
سحب رينمارك الفتاة الباكية بعيدا برفق، ومرر يده سريعا على جسد الفتى المنبطح. ثم سرعان ما فتح أزرار سترته العسكرية، وقد سرت في جسده رعشة فرح حين شعر بنبضات خافتة في قلب الفتى.
صاح قائلا: «إنه حي! سيصبح بخير يا مارجريت.» مع أن تقرير ذلك بناء على فحص سريع جدا كهذا كان سابقا لأوانه بعض الشيء.
قام وهو ينتظر نظرة امتنان من الفتاة التي أحبها. لكنه دهش حين رأى عينيها ساطعتين في الظلام وهما تتقدان غضبا. «متى علمت أنه انضم إلى المتطوعين؟»
أجاب البروفيسور مذهولا: «صباح اليوم ... باكرا.» «لماذا لم تخبرني؟» «طلب مني ألا أفعل ذلك.» «إنه مجرد فتى صغير. في حين أنك رجل، ومن المفترض أنك تتحلى بصواب رجل راشد. لم يكن من حقك أن تلتفت لكلام صبي أغر. كان من حقي أن أعرف، وكان من واجبك أن تخبرني. ولكن بسبب إهمالك وغبائك، ظل أخي ممددا هنا طوال النهار ...» ثم أضافت بانكسار في نبرتها الغاضبة: «وهو يحتضر على الأرجح.» «لو أنك تعرفين الحقيقة ... لم أكن أعرف بوجود أي مشكلة حتى التقيت المتطوعين. ولم أضيع ثانية منذ ذلك الحين.» «كان ينبغي أن أعرف أنه مفقود، دون الذهاب إلى المتطوعين.»
अज्ञात पृष्ठ