أولها ... : الإيمان ، وهو إقرار باللسان ، وتصديق بالجنان ، ومعرفة بالقلب ، والإقرار وحده لا يكون إيمانا ؛ لأنه لو كان إيمانا لكان المنافقون كلهم مؤمنين ، وكذلك المعرفة لا تكون إيمانا ، لأنها لو كانت إيمانا ؛ لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين . قال الله تعالى في حق المنافقين : [والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ] (¬1) ، وقال في حق أهل الكتاب : [الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم] (¬2) ، والإيمان لا يزيد ولا ينقص ، لأنه لا يتصور نقصانه إلا بزيادة الكفر ، ولا يتصور زيادته إلا بنقصان الكفر ، وكيف يجوز أن يكون الشخص الواحد في حالة واحدة مؤمنا وكافرا ، والمؤمن مؤمن حقا ، والكافر كافر حقا ، وليس في الإيمان شك ، كما أنه ليس في الكفر شك ، لقوله تعالى : [أولئك هم المؤمنون حقا] (¬3) و[أولئك هم الكافرون حقا ] (¬4) ، والعاصون من أمة محمد عليه السلام كلهم مؤمنون حقا ، وليسوا بكافرين ، والعمل غير الإيمان ، والإيمان غير العمل ، بدليل أن كثيرا من الأوقات يرتفع العمل عن المؤمن ، ولا يجوز أن يقال: ارتفع عنه الإيمان ، فإن الحائض (¬5) يرفع الله سبحانه وتعالى عنها الصلاة ، ولا يجوز أن يقال : رفع الله عنها الإيمان ، أو أمرها بترك الإيمان/ وقد قال لها الشرع دع الصوم ، ثم اقضيه ، ولا يجوز2أ ولا يجوزأن يقال : دع الإيمان ، ثم اقضيه ، ويجوز أن يقال : ليس على الفقير الزكاة ، ولا يجوز أن يقال : ليس على الفقير الإيمان ، وتقدير الخير والشر كله من الله سبحانه وتعالى ؛ لأنه لو زعم أحد أن تقدير الخير والشر من غيره لصار كافرا بالله ، وبطل توحيده ، إن كان له توحيد .
والثاني : نقر بأن الأعمال ثلاثة : فريضة ، وفضيلة ، ومعصية ، فالفريضة بأمر الله تعالى ، ومشيئته ، ومحبته ، ورضاه ، وقضائه ، وقدره ، وتخليقه ، وحكمه ، وعلمه ، وتوفيقه ، وكتابته في اللوح المحفوظ . والفضيلة ليست بأمر الله تعالى ، ولكن بمشيئته ، ومحبته ، ورضاه ، وقضائه ، وقدره ، وتخليقه ، وكتابته في اللوح المحفوظ . والمعصية ليست بأمر الله ، ولكن بمشيئته ، لا بمحبته ، وبقضائه ، لا برضاه , وبتقديره ، لا بتوفيقه ، وبخذلانه ، وعلمه ، وكتابته .
والثالث : نقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى ، من غير أن يكون له حاجة ، واستقرار عليه ، وهو حافظ العرش ، وغير العرش من غير احتياج ، فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم ، والحفظ ، وتدبيره كالمخلوقين ، ولو صار محتاجا إلى الجلوس والقرار ، فقبل خلق العرش أين كان الله تعالى ؟ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
पृष्ठ 15