قال المفسرون: نزلت هذه الآية حين جاءت قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر ﵁ إليها تسألها، وكذلك جدتها، وهما مشركتان، فقالت: لا أعطيكما حتى أستأمر رسول الله ﷺ، فإنكما لستما على ديني.
فاستأمرته في ذلك فأنزل الله هذه الآية، فأمرها رسول الله ﷺ أن تتصدق عليهما.
وهذا في صدقة التطوع، أباح الله أن يتصدق على الملي والذمي، فأما الفرض فلا يجوز أن يتصدق به إلا على المسلمين.
ومعنى الآية: ليس عليك هدى من خالفك، فتمنعهم الصدقة ليدخلوا في الإسلام، حاجة منهم إليها.
وأراد بالهدى ههنا: هدى التوفيق، وخلق الهداية، لأنه كان على رسول الله ﷺ هدى البيان والدعوة لجميع الخلق.
وقوله: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٧٢] قال ابن عباس: يريد أولياءه.
﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ﴾ [البقرة: ٢٧٢] من مال، وهو شرط، وجوابه: ﴿فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٢] ظاهر خبر، وتأويله: نهي، أي: ولا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله، كقوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩]، و﴿لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا﴾ [البقرة: ٢٣٣] .
وفي ذكر الوجه في قوله تعالى: ﴿إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٧٢] قولان: أحدهما: أن المراد منه تحقيق الإضافة، لأن ذكر الوجه يرفع الإيهام أنه له ولغيره، وذلك أنك لما ذكرت الوجه، ومعناه: النفس، دل على أنك تصرف الوهم عن الاشتراك إلى تحقيق الاختصاص، فكنت بذلك محققا للإضافة ومزيلا لإيهام الشركة.