وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكثر الناس تبسما وضحكا في وجوه أصحابه، وتعجبا مما تحدثوا به، وخلطا لنفسه بهم. ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه.
وكان ضحك أصحابه عنده التبسم؛ اقتداء به، وتوقيرا له.
قالوا: وقد جاءه أعرابي يوما؛ وهو (صلى الله عليه وسلم) متغير اللون ينكره أصحابه، فأراد أن يسأله، فقالوا: لا تفعل يا أعرابي، فإنا ننكر لونه.
فقال: دعوني، فو الذي بعثه بالحق نبيا؛ لا أدعه حتى يتبسم.
فقال: يا رسول الله؛ بلغنا أن المسيح- يعني: الدجال- يأتي الناس بالثريد وقد هلكوا جوعا .. أفترى لي- بأبي أنت وأمي- أن أكف عن ثريده تعففا وتنزها حتى أهلك هزالا، أم أضرب في ثريده حتى إذا تضلعت شبعا .. آمنت بالله وكفرت به؟!
قالوا: فضحك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى بدت نواجذه.
ثم قال: «لا، بل يغنيك الله بما أغنى به المؤمنين».
وكان (صلى الله عليه وسلم) يتلطف بخواطر أصحابه، ويتفقد من انقطع منهم عن مجلسه، وكثيرا ما يقول لأحدهم: «لعلك يا أخي وجدت مني، أو من إخواننا شيئا».
وكان (صلى الله عليه وسلم) إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام .. سأل عنه، فإن كان غائبا .. دعا له، وإن كان شاهدا .. زاره، وإن كان مريضا .. عاده.
पृष्ठ 203