विरासती ममालिक़ मान्सिय्या: धर्म जो पश्चिमी एशिया में पतनोन्मुख हैं
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
शैलियों
وكان الحل، لبعض الأقباط، هو الهجرة، التي كانت أسهل عليهم بسبب مستويات تعليمهم المرتفعة نسبيا والموقف الإيجابي من جانب الحكومات الغربية. وبين عامي 1993 و1997، قدم الأقباط ستة وسبعين بالمائة من طلبات المصريين للهجرة الدائمة إلى الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا. وانغمس آخرون أكثر في الكنيسة، واستثمروا طاقتهم في جعلها مجتمعا داخليا أكثر شمولا وفاعلية. التقيت قبطيا أصيب بجروح في احتجاج على حرق الكنيسة، ألقى خلاله الأقباط الحجارة وأطلقت قوات الأمن النار. وعلى الرغم من أن ساقه لم تشف بعد، قال: «ما دمت تشعر بالتهديد من الآخرين، فستكون هويتك قوية.» كما أن المسيحيين ليسوا وحدهم من يفضلون المؤسسات الدينية على المؤسسات العلمانية. فقد ذكرت مؤسسة جالوب في عام 2013 أن اثنين وتسعين بالمائة من جميع المصريين، مسلمين ومسيحيين، يثقون في مؤسساتهم الدينية. ولم تقترب أي مؤسسة أخرى من هذه النسبة. وببساطة، فإن البطريرك شنودة ومن يكافئه من المسلمين، بسبب فطنتهم وتفانيهم، اكتسبوا قدرا كبيرا من التأثير. وقد أساء بعض رجال الدين المتشددون استخدام هذا الأمر. وكانت المحصلة الإجمالية هي أن الأشياء التي كانت توحد المسلمين والمسيحيين أخذت تقل شيئا فشيئا.
عرفت كل هذه المعلومات في القاهرة. لكنني كنت أعلم أنه إذا أردت أن أفهم مصر، وخاصة أن أفهم المسيحيين في مصر وطبيعة علاقتهم بجيرانهم المسلمين، فعندئذ سيتعين علي الذهاب إلى المكان الذي جاء منه معظم أقباط مصر: جنوب القاهرة، حيث يمتد وادي النيل مئات الأميال من الصحراء التي لا نهاية لها. كان سكان هذه المنطقة (التي تسمى الصعيد، أو مصر العليا - وهو الاسم ذاته الذي كانت تحمله في العصور القديمة) أبطأ في اعتناق الإسلام، وفي أواخر عشرينيات القرن الماضي، كان ثمانون بالمائة من مسيحيي مصر يعيشون في الصعيد.
وعلى الرغم من هجرة أعداد كبيرة من الأقباط نحو الشمال منذ ذلك الحين - حيث قال لي أحد العلماء إن أكثر من نصف الأقباط يعيشون الآن في القاهرة والمدن الشمالية الأخرى - فإن الصعيد لا يزال معقلهم. وما لا يقل عن ربع سكان مدينة المنيا، على سبيل المثال، التي تقع على بعد 140 ميلا جنوب القاهرة، هم من الأقباط؛ وهي أكبر نسبة للأقباط في أي مدينة في مصر. لكن هذه المحافظة تعاني الفقر، حيث يزيد معدل البطالة فيها عن ثمانين بالمائة؛ وأكثر من ثلث سكان المحافظة أميون (وإن كانت الأرقام أفضل في المدينة). وقد وقع في هذه المحافظة أكبر عدد من الاشتباكات بين المسيحيين والمسلمين؛ فربما يكون ما يصل إلى خمسة وستين بالمائة من العنف الطائفي في مصر قد حدث هناك. لذا قررت أنه لكي أفهم الأقباط - تاريخهم، ومعتقداتهم، ومستقبلهم - كنت بحاجة إلى فهم المكان بشكل أفضل. وفعلت ذلك في عام 2012، بينما كانت أول انتخابات ديمقراطية في مصر تنتقل إلى جولتها الثانية. وبعد مدة وجيزة من زيارتي، كان المصريون سيختارون بين المرشحين المتبقيين: أحمد شفيق، وهو مسلم تلقى تعليمه في مدرسة للرهبان اليسوعيين، وكان قد عمل في الحكومة في ظل حكم الرئيس مبارك، ومحمد مرسي، من جماعة الإخوان المسلمين. (كانت المنيا واحدة من أكثر المناطق المؤيدة لمرسي في مصر، حيث أعطته أربعة وستين بالمائة من الأصوات، وحصل شفيق على ستة وثلاثين بالمائة.)
بنيت محطة القطار الرئيسية في القاهرة - التي تسمى محطة رمسيس؛ لأن تمثال رمسيس كان هناك يوما ما - لأول مرة في خمسينيات القرن التاسع عشر، عندما أمر إسماعيل ببناء أول خط سكة حديدية في أفريقيا لنقل القطن من القاهرة إلى الإسكندرية؛ لتصديره عن طريق البحر. وفي هذا المكان، أيضا، خلعت الناشطة النسائية المصرية هدى شعراوي حجابها في عام 1923، بعد عودتها من مؤتمر في أوروبا، على مرأى من الجماهير المذهولة التي جاءت لتستقبلها؛ وهي خطوة كانت مصدر إلهام للأجيال اللاحقة من النسويات العربيات. أسرعت عبر الأقواس المغاربية التي تأخذ شكل حدوة الحصان والجدران المكسوة بالبلاط الخزفي؛ لشراء تذكرتي. وجدت أنه يوجد رصيف خاص للصعيد، وأعداد متناثرة من الناس تنتظر هناك للصعود على متن القطار. وفي مكتبة صغيرة على رصيف القطار كانت توجد كتب معروضة، أعلن العديد منها بصور بها نيران متوهجة عن موضوعها: الحيل التي يستخدمها ممارسو السحر الأسود وكيفية مقاومتها. وتذكرت الصبية السلفيين الذين تصوروا أنهم عثروا على أدوات لإلقاء التعاويذ في قبو الكنيسة المحروقة.
سرعان ما بدأت عجلات القطار في الدوران ببطء نحو الجنوب، عبر ضواحي القاهرة ذات المباني السكنية الرخيصة المبنية من الطوب. في محطة تصطف على جانبيها الأشجار في واحدة من أفقر ضواحي القاهرة، دخل صبية القطار لبيع المناديل المعطرة والحلوى الرخيصة. وبعد نحو نصف ساعة من الرحلة، انضمت إلى مسار القطار قناة ضيقة مسدودة تمضي بمحاذاته. في النهاية غادرنا المدينة وتوجهنا إلى حقول وادي النيل الخضراء، وتكرر توقفنا في بلدة صغيرة تلو الأخرى. وطوال الوقت كانت القناة تمضي بمحاذاة السكة الحديدية. ورأيت أناسا يغسلون فيها الصحون وملابسهم. في المساء، وصلنا إلى المنيا. عندما خرجت إلى الرصيف، انتزع حمال مسن حقيبتي بسرعة، وعلى الرغم من اعتراضاتي، تمسك بها بتجهم وحملها عبر جسر السكة الحديدية.
كان يوجد فندق رئيسي وحيد في المدينة، وهو عبارة عن مبنى خرساني ضخم يسمى أخناتون، وفيه سجلت دخولي وأمضيت هذه الليلة. كانت غرفتي تحتوي على تجهيزات كانت أنيقة يوما ما؛ في السبعينيات، حسبما ظننت. لم يكن يوجد سائحون مقيمون هناك. وفي البهو لم يكن يوجد سوى موظفي الفندق يدخنون السجائر. تحدثت معهم بعض الوقت، وأوضحوا لي مدى تفوق سكان المنيا على سكان المناطق الأخرى. قال لي أحدهم: «لا يمكنك أن تثق في سكان القاهرة، فهم ليسوا ودودين مثلنا. وإذا ذهبت جنوبا من هنا، إلى أسيوط، فستجد الناس هناك سريعي الغضب للغاية . لكن هنا في المنيا، الناس بين بين. فهم يتميزون بالوسطية.»
وجدت أثناء تجولي في المدينة أن المنيا كانت بالفعل ودودة أكثر من القاهرة، وجميلة، بطريقتها الخاصة الهادئة، حيث تطل على نهر النيل والتلال الرملية المنخفضة خلفه. وكانت حديقة صغيرة على ضفاف النهر مليئة بالعائلات، حيث كان بعض الناس يلعبون كرة القدم، وآخرون يدخنون الشيشة. وعلى متن قارب يرسو على جانب النهر، كان حفل زفاف يجري على قدم وساق، حيث كان العروس والعريس يرقصان على أنغام أغنية مصرية شعبية. وامتلأت ساحات المدينة بالناس الذين يستمتعون بنسيم المساء، وجلس الرجال والنساء معا. كانت معظم النساء غير محجبات، وهي علامة شبه مؤكدة - في هذه المدينة المحافظة - على أنهن مسيحيات. (في القاهرة تخرج نساء مسلمات دون حجاب؛ ولم أر قط واحدة منهن في المنيا.) ونظرا إلى أنه كان مساء أحد أيام الأحد، خمنت أن هؤلاء الأزواج ربما خرجوا لتوهم من الكنائس والمراكز الاجتماعية المسيحية في الشوارع المجاورة. وعندما ذهبت إلى كشك على جانب الطريق للحصول على كوب من عصير البرتقال، كانت راهبة أمامي في الصف تطلب كوبا من عصير قصب السكر.
مكنني أصدقائي في الفندق من التواصل مع سائق محلي ليأخذني إلى القرى والأديرة في المناطق الريفية. وفي صباح اليوم التالي، أثناء انتظاري له، تجولت في الحديقة مرة أخرى. وعبر النهر رأيت ثورا يجر محراثا في الحقول. وتركت الاحتفالات الليلية اللطيفة في المدينة الكثير من القمامة في الحديقة، وجاءت شاحنة جمع القمامة لجمعها. وألقت فتاة محجبة - من قرية مجاورة، حسبما خمنت - أكياس القمامة في الشاحنة ثم قفزت وراءها. وأثناء ما كانت الشاحنة تبتعد، كانت تغني وتضحك واضعة قدميها على الأكياس.
تزدهر الأديرة المسيحية في مصر اليوم، ويرجع ذلك جزئيا إلى انغماس المسيحيين في مجتمعهم الطائفي. ويتوسع بسرعة دير أبي فانا، الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع ويظهر هنا في عام 2012. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
عندما وصل السائق كان مسرورا لسماع أننا سنرى بعض الأديرة القبطية المحلية. كان هو نفسه قبطيا واسمه جورج. (على الرغم من أن القديس مرقس يعتبر مؤسس الكنيسة القبطية، عادة ما يسمى الأطفال على اسم مار جرجس - وصورته وهو يغرز رمحا في تنين هي صورة شائعة في الكنائس والمنازل، تماما مثلما كان يصور المصريون القدماء الإله حورس وهو يغرز رمحه في فرس النهر.) واشتكى قائلا: «السائحون لا يهتمون أبدا بالمواقع القبطية. فهم لا يريدون إلا رؤية أشياء من مصر القديمة. أخبرهم عن كنائسنا لكنهم لا يريدون زيارتها أبدا.» ومع ذلك، فإن الأديرة تشبه المعابد القديمة في بعض الأمور وتعتبر نسخا معاصرة منها. وفي السنوات الأولى للمسيحية، كانت الرهبنة تعني العزلة؛ حيث كان الرجال يذهبون إلى مكان بعيد، غالبا في الصحراء، للصلاة. وفي مصر نحو عام 320 ميلادية أسس القديس باخوميوس أول مجتمع للرهبان المسيحيين. وخصصه لأولئك الذين لا يستطيعون تدبر مصاعب العيش بمفردهم. لكن الأديرة اتخذت نمطا مألوفا: مجتمع من الرجال الأتقياء، يعيشون في منطقة محاطة بسور ويزرعون حقولا مجاورة، ويتعبدون في كنائس صغيرة داخل تلك المنطقة التي يأتي إليها الحجاج زوارا؛ وقد كان مثل النظام الذي عملت به المعابد المصرية دائما. وكان للعديد من الأديرة الأولى أوجه تشابه مع المعابد في الطريقة التي تنحدر بها جدرانها العالية إلى الداخل، وفي النقوش على مداخلها.
अज्ञात पृष्ठ