وسألها: «كم يدفعون لك هناك؟» وحين أخبرته ضحك مرة أخرى وقال: «يا إلهي، لو كنت أحصل على هذا القدر الضئيل من المال لأخذت كل يوم شيئا من الأرفف وبعته.»
نظرت إليه الفتاة في دهشة، فنظر إليها في غضب واستدار عنها وانصرف تاركا إياها. اتكأت بذراعها على حاجز الجسر ونظرت إلى المياه المظلمة بالأسفل. لطالما كان النهر في المساء يثير إعجابها، وكانت في كثير من الأحيان تقف لتلقي نظرة على النهر وهي تعبر الجسر، وفي أثناء ذلك كانت تشعر برجفة تسري في أوصالها. بكت قليلا حين فكرت في رحيله المفاجئ، وتساءلت في نفسها إن كانت فظة معه. ففي النهاية، لم يكن يطلب منها فعل الكثير، وكانوا في الصيدلية يدفعون لها مبلغا ضئيلا بحق. وربما كان عشيقها فقيرا، ويحتاج إلى تلك الأشياء التي طلب منها إحضارها. وربما كان مريضا ولم يخبرها بشيء. ثم شعرت بلمسة على كتفها. فالتفتت على إثرها. كان جان يقف إلى جوارها، لكن عبوس وجهه لم يكن قد تلاشى.
فقال على نحو مفاجئ: «أعطيني تلك الورقة.»
ففتحت يدها وأخذ الورقة منها، واستدار مبتعدا عنها.
فقالت: «انتظر! سأحضر لك ما تريد، لكنني سأضع ثمنه بنفسي في درج النقود.»
وقف الشاب في مكانه، وأخذ ينظر إليها للحظة، ثم قال: «لورين، أعتقد أنك حمقاء بعض الشيء. إنهم يدينون لك بأكثر مما ستدفعين بكثير. ولكن، لا بد لي من الحصول على تلك الأشياء.» ثم أعطاها الورقة محذرا إياها: «احرصي على ألا يرى أحد ذلك، وتأكدي جيدا من إحضار الأشياء الصحيحة.» ثم سار بصحبتها حتى زاوية شارع ليل وسألها قبل أن يفترقا: «لست غاضبة مني، أليس كذلك؟»
فردت عليه هامسة: «سأفعل أي شيء لأجلك!» ثم قبلها وتمنى لها ليلة طيبة.
ثم أخذت هي المواد الكيميائية حين كان صاحب الصيدلية في الخارج، وربطتها بإحكام كعادتها بعد أن دستها في سلتها الصغيرة التي كانت تحمل فيها غداءها. وكان صاحب المكان رجلا يقظا حاد البصر يعتني بمتجره ومساعدته الجميلة الصغيرة اعتناء كبيرا.
وقد سألها وهو يأخذ الإناء ويرمقها بنظرات حادة: «من ذا الذي يريد هذا الكم من كلورات البوتاسيوم؟»
ارتجفت الفتاة وقالت: «كل شيء على ما يرام، هذا هو المال في درج النقود.»
अज्ञात पृष्ठ