मसीह का दूसरा चेहरा
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
शैलियों
وكان يسوع يخاطب اليهود من موقع مفارق وكأنه ليس واحدا منهم فيقول لهم: بماذا أوصاكم موسى؟ ولا يقول بماذا أوصانا موسى؟ و: ألم يكتب في شريعتكم؟ وليس: ألم يكتب في شريعتنا: «فأجابهم يسوع: ألم يكتب في شريعتكم ... إلخ» (يوحنا 10: 34)، وأيضا: «وما كان هذا إلا لتتم الآية المكتوبة في شريعتهم، وهي: أبغضوني بلا سبب» (يوحنا 15: 25)، وأيضا: «وكتب في شريعتكم: شهادة شاهدين صحيحة، أنا أشهد لنفسي وأبي الذي أرسلني يشهد لي» (يوحنا 8: 17-18)، «ابتهج أبوكم إبراهيم على رجاء أن يرى يومي» (يوحنا 8: 56)، «فأجابهم: بماذا أوصاكم موسى ... من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية» (مرقس 10: 3-5)، «ألم يعطكم موسى الشريعة، وما من أحد منكم يعمل بأحكام الشريعة؟» (يوحنا 7: 19)، إن الرأي القائل بأن يسوع لم يكن يهوديا، ليجد سندا قويا له في هذه الصيغة التي توجه بها يسوع إلى اليهود.
واليهود هم قتلة الأنبياء والمرسلين، وعليهم يقع كل دم زكي سفك على الأرض: «الويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراءون: تبنون قبور الأنبياء وتزينون ضرائح الصديقين، وتقولون: لو عشنا زمن آبائنا لما شاركناهم في دم الأنبياء، فأنتم تشهدون على أنفسكم بأنكم قتلة الأنبياء، فاملئوا أنتم مكيال آبائكم، أيها الحيات أولاد الأفاعي، أنى لكم أن تهربوا من عقاب جهنم؟ ها أنا ذا (يقول الرب) أرسل إليكم من أجل ذلك أنبياء وحكماء وكتبة، ففريقا تقتلون وتصلبون، وفريقا في مجامعكم تجلدون، ومن مدينة إلى مدينة تطاردون، حتى يقع عليكم كل دم زكي سفك على الأرض، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح، الحق أقول لكم: هذا كله سيقع على هذا الجبل، أورشليم، أورشليم، يا قاتلة الأنبياء والمرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أبناءك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، فلم تريدوا، إن بيتكم سيترك لكم خرابا، أقول لكم: لا ترونني بعد اليوم حتى تقولوا: تبارك الآتي باسم الرب» (23: 29-39).
وقد تنبأ يسوع بأنه سوف يسلم إلى اليهود أبناء قتلة الأنبياء فيحكمون عليه بالموت ويتركون التنفيذ للرومان: «وأوشك يسوع أن يصعد إلى أورشليم، فانفرد بالاثني عشر، وقال لهم: إنا صاعدون إلى أورشليم، وسيسلم ابن الإنسان إلى الأحبار والكتبة فيحكمون عليه بالموت، ويسلمونه إلى الوثنيين ليسخروا منه ويجلدوه ويصلبوه، وفي اليوم الثالث يقوم» (متى 20: 17-19)، وقد أثبت اليهود بعد ذلك صدق ما قاله فيهم يسوع فهم ورثة قتلة الأنبياء، فعندما حاول الوالي الروماني عبثا إقناع اليهود ببراءة يسوع، غسل يديه أمام الجميع وقال: «إني بريء من دم هذا البار، أنتم وشأنكم فيه، فأجاب الشعب بأجمعه: دمه علينا وعلى أولادنا» (متى 27: 24-29)، وعندما رفع يسوع على الصليب راح اليهود يشتمونه وأحبارهم يهزءون منه: «وكان المارة يشتمونه ويهزون رءوسهم ويقولون: يا أيها الذي ينقض الهيكل ويبنيه في ثلاثة أيام، إن كنت ابن الله فخلص نفسك وانزل عن الصليب، وكان الأحبار يسخرون مثلهم، فيقولون مع الكتبة والشيوخ: خلص غيره ولا يقدر أن يخلص نفسه» (متى 27: 39-42).
وقد لخص يسوع موقفه من اليهود في جملة واحدة، عندما قال للمرأة السامرية إن الخلاص لا يتم إلا بالتخلص من اليهود: «يا امرأة صدقيني إنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب، أنتم تسجدون لما لستم تعلمون، أما فنحن فنسجد لما نعلم؛ لأن الخلاص هو من اليهود، ولكن تأتي ساعة، وهي الآن، حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق» (يوحنا 4: 21-23).
وهم لا يعرفون إله يسوع، بل يعبدون إلها آخر، قال يسوع لليهود: «أنتم لا تعرفونني ولا تعرفون أبي» (يوحنا 8: 19)، «على أني ما جئت من نفسي، بل هو حق الذي أرسلني أنتم لا تعرفونه، وأما أنا فأعرفه؛ لأني من لدنه أتيت وهو الذي أرسلني» (يوحنا 7: 28-29)، «أنتم من الدرك الأسفل، وأنا من الملأ الأعلى، أنتم من العالم، وأنا لست من العالم» (يوحنا 8: 23)، واليهود أبناء إبليس وإليه يتعبدون: «أنتم تعملون أعمال أبيكم ... لو كان الله أباكم لأحببتموني؛ لأني من الله خرجت وأتيت، إنكم أولاد أبيكم إبليس، وأنتم تريدون إتمام شهوات أبيكم، كان منذ البدء مهلكا للناس لم يثبت على حق ... من كان من الله سمع كلام الله، فإذا كنتم لا تسمعون فلأنكم لست من الله» (يوحنا 8: 41-47)، واليهود في عبادتهم لإلههم يهوه يكرهون الله الحق: «وهم مع ذلك يبغضونني ويبغضون أبي، وما ذلك إلا لتتم الآية المكتوبة في شريعتهم: أبغضوني بلا سبب» (يوحنا 15: 24-25).
فأي شيء بعد هذا يبقى من الأقوال المنسوبة إلى يسوع بأنه لم يرسل إلا إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل، وأنه ما جاء لينقض وإنما ليكمل؟ (6) بولس الرسول
بولس الرسول هو أشهر شخصية في أسفار العهد الجديد بعد يسوع، فمعظم مادة سفر أعمال الرسل يتحدث عن نشاطه التبشيري، كما أن رسائله الأربع عشرة كانت متداولة بين المسيحيين، كتابة، قبل تدوين الأناجيل الأربعة، ولد نحو عام 10م في مدينة طرسوس بمنطقة كيليكيا بجنوب آسيا الصغرى، من أسرة يهودية تحمل المواطنية الرومانية، وبعد مسيرة تبشيرية حافلة تنقل خلالها بين دمشق وأنطاكية وآسيا الصغرى واليونان وروما، استشهد نحو عام 67م خلال حملة الاضطهاد الشاملة ضد المسيحيين، التي جرت خلال عهد الإمبراطور نيرون، لم ير يسوع شخصيا، ولكنه واجهه في رؤيا عقلية عرضت له على طريق دمشق، حولته إلى المسيحية وإلى أهم مبشر بيسوع. قصر نشاطه على التبشير بين الوثنيين، وهو المسئول عن تشكيل «كنيسة الأمم» التي ورثتها كنيسة روما كقائدة للحركة المسيحية القويمة والمسكونية، كان اليهودي الوحيد بين بقية الرسل الجليليين، ومع ذلك فقد كان أكثرهم فهما لتعاليم يسوع ومراميها الكونية، وعلى رسائله الأربع عشرة قامت المسيحية التي نعرفها اليوم، فماذا قال بولس في اليهود والشريعة وعالمية رسالة يسوع، وما هي مواقفه من العهد القديم وصلته بالعهد الجديد؟
في رسالته الثانية إلى أهالي كورنثة يحدث بوليس قطيعة تامة غير قابلة للوصل بين العهد القديم والعهد الجديد: «إذا كان أحد في المسيح، فإنه خلق جديد قد زال كل شيء قديم، وها هو ذا كل شيء جديد» (2 كورنثة 5: 17)، والعهد الجديد هو عهد الروح لا عهد الحرف (أي الشريعة): «تلك ثقتنا بالمسيح لدى الله ... فهو الذي مكننا من خدمة العهد الجديد، عهد الروح لا عهد الحرف؛ لأن الحرف يميت والروح يحيي» (1 كورنثة 2: 4-6)، وموت يسوع على الصليب قد حرر من آمن به من أهل الشريعة: «نحن نعلم أن الإنسان لا يبر لأنه يعمل بأحكام الشريعة، بل لأن له الإيمان بيسوع المسيح ... بالشريعة مت عن الشريعة لأحيا في الله ... وإذا كانت لي حياة بشرية، فإنها في الإيمان بابن الله الذي أحبني وضحى بنفسه من أجلي ... ولو كان بالشريعة بر الإنسان، لكان موت المسيح عبثا» (الرسالة إلى أهل غلاطية 2: 16-21).
وشريعة الروح الجديدة قد حررت من شريعة الحرف القديمة: «فليس بعد الآن من هلاك للذين هم في يسوع المسيح؛ لأن شريعة الروح الذي يهب الحياة في يسوع المسيح قد حررتني من شريعة الموت والخطيئة، فالذي تستطيعه الشريعة، والجسد قد أوهنها، حققه الله بإرسال ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطئ كفارة للخطيئة، فحكم على الخطيئة بالجسد ليتم ما تقتضيه منا الشريعة، نحن الذين لا يسلكون سبيل الجسد بل سبيل الروح» (الرسالة إلى أهالي روما 8: 1-2)، وأيضا: «لم تتلقوا روحا يستعبدكم ويردكم إلى الخوف، بل روحا يجعلكم أبناء، وبه ننادي أبتاه ... فإذا كنا أبناء الله فنحن الورثة، ورثة الله وشركاء المسيح في الميراث» (الرسالة إلى أهالي روما 8: 15-17). «أما الآن وقد متنا عما كان يعتقلنا فقد حللنا من الشريعة، وأصبحنا نعمل في نظام الروح الجديد، لا في نظام الحرف القديم» (الرسالة إلى أهالي روما 7: 6-7)، والمسيحيون الذين يصرون على المحافظة على أحكام شريعة العهد القديم، قد انقطعوا في الواقع عن المسيح ورفضوا الحرية التي قدمها لهم: «إن المسيح قد حررنا لنكون أحرارا فاثتبوا إذا ولا تعودوا إلى نير العبودية، فها أنا ذا بولس أقول لكم: إذا اختتنتم فلن يفيدكم المسيح شيئا وأشهد مرة أخرى لكل مختتن بأنه ملزم أن يعمل بالشريعة جمعاء، لقد انقطعتم عن المسيح يا أيها الذين يلتمسون البر من الشريعة» (الرسالة إلى أهالي غلاطية 5: 1-4).
وسيرا على سنة يسوع فقد حلل بولس كل الأطعمة، فلا يوجد بعد اليوم ما هو محرم على الأكل وما هو محلل: «وأما الأكل من ذبائح الأوثان، فنحن نعلم أن الوثن ليس بشيء في العالم، وأن لا إله إلا الله الأحد ... ولكن المعرفة ليست لجميع الناس، فبعضهم جرت لهم العادة في الأوثان أن يأكلوا الذبائح كأنها حقا ذبائح للأوثان، فيتدنس ضميرهم لضعفه، ما من طعام يقربنا إلى الله، فإن لم نأكل لا نخسر شيئا، وإن أكلنا لا نربح شيئا» (الرسالة الأولى إلى أهالي كورنثة 8: 1-8)، وأيضا: «كل شيء حلال، ولكن ليس كل شيء بنافع ... كلوا من اللحم كل ما يباع في الأسواق، ولا تسألوا عن شيء تورعا؛ لأن الأرض وما عليها للرب» (1 كورنثة 10: 23-25)، وأيضا: «فكل ما خلق الله حسن، فما من طعام نجس إذا تناوله الإنسان وهو حامد؛ لأن كلام الله والصلاة يقدسانه» (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس 4: 3-4).
अज्ञात पृष्ठ