मसीह का दूसरा चेहरा
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
शैलियों
Nazarene )، وذلك تبعا لما ورد في إنجيل متى 2: 22-23، من أن يوسف وعائلته قد انتقلوا إلى الجليل، وعاشوا في مدينة الناصرة «ليتم ما أوحي إلى الأنبياء فقالوا إنه يدعى ناصريا»، ولكن كل الوقائع تشير إلى أن المدينة التي نعرفها اليوم باسم الناصرة، لم تكن موجودة خلال حياة يسوع، فنصوص العهد القديم لم تأت على ذكرها، ولم ترد في أخبار المؤرخ اليهودي يوسيفوس الذي عاش في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد، ووصف بالتفصيل خريطة فلسطين، كما لم ترد في أي وثيقة تاريخية أو طبوغرافية أخرى، ولا سيما في الوثائق الرومانية، ويبدو أن المدينة قد أحدثت فيما بعد، وأطلق عليها اسمها، بسبب الحاجة إلى وجود مثل هذا الموقع لتفسير ما ورد في إنجيل متى، وقد تم ذلك في القرن الثالث الميلادي عندما اختيرت مزرعة صغيرة على مبعدة من بحيرة طبريا (أو بحر الجليل كما دعيت أحيانا) تحمل اسما قريبا من الاسم الكتابي، لتكون موقعا لناصرة إنجيل متى، ومسرحا لطفولة يسوع.
وفي الواقع (يتابع سبنسر لويس) فإن صفة «ناصري» لم تكن في ذلك الوقت تعني شخصا من مدينة الناصرة، وإنما شخصا ينتمي إلى شيعة سرانية غير يهودية تدعى شيعة الناصرين
Nazarene ، ومثلها أيضا شيعة النذيرين
Nazarites ، وشيع أخرى قريبة منهما، وجميع هذه الشيع يضم وثنيين من حيث المولد ويهودا جليليين حديثي العهد باليهودية؛ لأن اليهودية لم تنتشر في الجليل إلا قبل بضعة عقود فقط من مولد يسوع، ولقد رفض هؤلاء اليهود المحدثون الشريعة التوراتية، كليا أو جزئيا، وكانوا ينتظرون المسيح الكوني الذي سيقدم الخلاص لكل الناس لا لليهود وحدهم، وكان لهذه الشيع مقام ديني مقدس على جبل الكرمل ، ودير هو أشبه بالمعهد الديني الذي يلتحق به الفتيان في سن الثانية عشرة، من أجل الإعداد الديني وتلقي الأسرار، وكان لهذا المقام الديني شهرة واسعة خارج فلسطين، وقصده العديد من الحكماء وأمضوا فيه وقتا لا بأس به خلال فترة إعدادهم الروحي، ومنهم فيثاغورث الذي تروي سيرة حياته عن اعتكافه لسنوات في جبل الكرمل، أكثر الجبال قداسة.
ويخلص سبنسر لويس إلى القول بأن يسوع كان واحدا من شيعة الناصريين (وهم غير الناصرين، أو النصارى، الذين شكلوا شيعة مسيحية يهودية بعد موت يسوع)، وأنه تلقى أسرارها منذ حداثته، وتفقه في تعاليمها، وتدرب على أيدي معلميها، ولعل القصة التي أوردها لوقا عن يسوع الفتى وهو يحاور، بمعرفة وذكاء شيوخ الهيكل، لم تجر في هيكل أورشليم وإنما في دير جبل الكرمل، وفي رأي سبنسر لويس، فإن مثل هذا التدريب لا يتعارض مع الوحي الإلهي الذي تلقاه يسوع، أو مع تواصله المباشر مع الوعي الكوني الذي أمده بالأفكار؛ لأنه كان عليه أن يشرح هذه الأفكار لمعاصريه ويقربها إلى أذهانهم من خلال كلمات وصور ومفاهيم يألفونها. إن الرسامين العظام قد أنتجوا روائعهم تحت تأثير نوع خاص من الوحي والإلهام، ولكنهم مروا قبل ذلك بفترة تدريب طويلة، أتقنوا خلالها أصول التعبير بالخط واللون، حتى صاروا مهيئين للتعبير عن الوحي بتقنيات عالية، والشيء نفسه ينطبق على الموسيقى العظيمة التي نشأت أولا عن إلهام انبثق في ضمير المؤلف الموسيقي، ولم يكن بمقدوره التعبير عنه إلا من خلال تقنيات موسيقية عالية اكتسبها خلال فترة التدريب. لقد كان على يسوع، بصرف النظر عن كمال التواصل مع الوعي الكوني، أن يكتسب التدريب المناسب ليستطيع التعبير عن أفكاره بتلك الطريقة، وتلك اللغة التي ميزت المعلمين الروحيين عبر التاريخ. ولا شك أن إعداد يسوع قد ابتدأ منذ سنوات طفولته الأولى على يد أبوين غير يهوديين ينتميان إلى شيعة الناصريين.
49
وهنالك من الباحثين من يرجع خلفية يسوع الثقافية إلى بيئة مدينة الإسكندرية، وهؤلاء يأخذون على محمل الجد ما ورد في إنجيل متى عن سفر العائلة المقدسة إلى مصر؛ خوفا من الملك هيرود الذي كان يبحث عن يسوع الوليد ليقتله، وفي هذا يقول ديزموند سيتورات، أحد الباحثين الراديكاليين في سيرة يسوع، بأن يسوع قد أمضى فترة الطفولة والفتوة في الإسكندرية، واتصل ببعض الشيع العرفانية السرانية، ولا سيما جماعة الشافين
Therapeutae
التي كان أفرادها يعيشون عيشة النساك في منطقة قرب الإسكندرية، وهم كما يخبر عنهم فيلو الإسكندراني (من القرن الثاني الميلادي) جماعة من المنشقين اليهود آثروا الزهد والابتعاد عن التجمعات الحضرية، وتكريس وقتهم للعبادة والتأمل، وهم يحتفظون بتعاليم تقوم على تفسير باطني للكتاب المقدس يخالف التعاليم الأرثوذكسية الظاهرية، ويلبسون خشن الثياب ويعيشون عيشة الفقر.
50
अज्ञात पृष्ठ