वही और वाकई: सामग्री का विश्लेषण
الوحي والواقع: تحليل المضمون
शैलियों
وهناك الإسلام العربي، سماحته وبساطته وواقعتيه وأخلاقه العملية وعقلانيته وإصلاحيته وإنسانيته. وما عرض له في المدة الأخيرة من صورية وشعائرية إنما هو وارد من شبه الجزيرة العربية من العمالة المهاجرة اليدوية والذهنية. والعنف الملتصق بالحركات الإسلامية إنما هو عنف سياسي لجماعات سياسية ضد نظم الحكم القائمة على القهر في الداخل والتبعية في الخارج.
الإسلام الأممي لا يمنع التعددية في الفكر والممارسة، فالإسلام قادر على التأقلم مع ثقافات الشعوب وعاداتها مع إكمالها وتطويرها للإثراء المتبادل والتعلم المشترك. يقوم على الوحدة والتنوع، وحدة العقيدة وتنوع مظاهر تعبيرها. لذلك لا يقتتل المسلمان. القاتل والمقتول مدانان. القاتل لأنه قتل بالفعل، والمقتول لأنه كان حريصا على قتل صاحبه. فدم المسلم وماله وعرضه حرام لا يجوز انتهاكه. والصلح بين المتخاصمين خير حتى يفيء الجميع إلى الحق والعدل دون العدل والظلم. والتاريخ شاهد على ذلك من الأندلس حتى الصين بالرغم من الاستثناءات هناك وهناك. (14) الإسلام العلماني
العلمانية لها معنى سيئ في ثقافتنا المعاصرة. فهي ضد الدين، وقرينة الإلحاد والمادية والإباحية، وربما الكفر والفسوق والعصيان. وتعني عند الحركة الإسلامية فصل الدين عن الدولة وهو ضد
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، ومرة أخرى
الفاسقون ، ومرة ثالثة
الظالمون . كما تعني فصل الدين عن مظاهر الحياة الأخلاقية والقانونية والسياسية، والوقوع في الأخلاق النسبية المتغيرة والشريعة الوضعية التي أحيانا تحلل الحرام كالخمر والشذوذ الجنسي، والسياسة البشرية التي تقوم على المصالح وصراع القوى. الدين علاقة خاصة بين الإنسان والله «علاقة رأسية» في حين أن القانون علاقة عامة «علاقة أفقية» بين المواطن والمواطن. لذلك رفعت العلمانية شعار «الدين لله والوطن للجميع». ومن ثم أصبح من الصعب من الناحية التداولية استعمال لفظ «علماني».
ومع ذلك الإسلام دين «علماني» في جوهره. إنما جاء الخلط بين العلمانية «الغربية» والعلمانية «الإسلامية» وإسقاط ظروف الأولى على الثانية. فقد نشأت العلمانية الغربية بمعنى الفصل بين السلطة الدينية والسلطة السياسية، أي بين الكنيسة والدولة نظرا لنشأة المآسي والمذابح من الجمع بينهما في شخص البابا رئيس الكنيسة والدولة أو في شخص الإمبراطور رئيس الدولة والكنيسة. وكان صراعا على المصالح والأرض في عصر الإقطاع. وكان الحل الوحيد الباقي هو الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية وإن تعايشا معا كما هو الحال في دولة الفاتيكان في روما عاصمة الجمهورية الإيطالية. وانتقل كلاهما إلى العمل في الخارج وليس في الداخل، في التبشير والاستعمار خارج أوروبا وليس في الصراع على السلطة والحدود داخلها.
وبدأت العلمانية الغربية بوضع أسس معرفية جديدة، البداية بالعالم وليس بالنص، والاعتماد على العقل وليس الإيمان، والاتجاه نحو الطبيعة بعيدا عن ما بعد الطبيعة، والتحول من التمركز نحو الله إلى التمركز نحو الإنسان، والتفكير في البدن وليس في النفس، والاتجاه نحو الجديد وليس القديم، والاستعداد للمستقبل على هذه الأرض وليس نكوصا نحو الماضي خارجها. العقل تجاه الطبيعة ينتج العلوم الطبيعية، ومع المجتمع ينتج العلوم الإنسانية. وانتهت سلطة القدماء، أرسطو وبطليموس والكنيسة إلى سلطة المحدثين، جاليليو وكبلر ونيوتن في العلم، وبيكون وديكارت في الفلسفة، ولوثر وكالفن في الدين. وخرجت الثقافة الغربية خارج حدودها بعد سقوط غرناطة في 1492م، وتصدر أوروبا مركز العالم بدلا من العالم الإسلامي. انتهى العصر الوسيط كما انتهى العصر القديم اليوناني الروماني من قبل، والعصر الإسلامي من بعد. وبدأ العصر الحديث وشعار الحداثة التي تدمر الآن فيما بعد الحداثة.
وهي ظروف مختلفة عن ظروف العالم الإسلامي. فالإسلام ليس به سلطة دينية إلهية مثل الكنيسة أو البابا. وليس به سلطة سياسية تقوم على الاختيار الإلهي «الثيوقراطية» أو على الوراثة كما هو الحال في النظام الملكي. السلطة في الإسلام للعلم والعلماء وعلوم الدنيا. والعلماء هم أهل الاختصاص، علماء الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعلاقات الدولية، «أنتم أعلم بشئون دنياكم». التمييز إذن بين رجال الدين ورجال السياسية تمييز في ظروف نشأة العلمانية الغربية وليس في ظروف نشأة الإسلام. بل إن الإسلام مثل البروتستانتية فيما بعد بدأ ضد رجال الدين من اليهود والنصارى، الأحبار والرهبان، الذين استغلوا الدين للمصالح الشخصية ولتبرير السلطة السياسية للملوك والأباطرة. الإسلام دين إصلاحي. تعلم من التجارب السابقة، من تجربة موسى وداود وسليمان في اليهودية، ومن الصراع بين النصرانية والإمبراطورية الرومانية في المسيحية.
الإسلام دين يقوم على العقل والواقع ومصالح الناس والقاسم المشترك للبشر جميعا. مثل التنوير التي يعتز بها، العقل والعلم والطبيعة والإنسان والحرية والإخاء والمساواة والعدالة الاجتماعية والتقدم جزء منه، وأسس يقوم عليها كما قررت الحركات الإصلاحية المعاصرة.
अज्ञात पृष्ठ