280

वही और वाकई: सामग्री का विश्लेषण

الوحي والواقع: تحليل المضمون

शैलियों

ومن يتولهم منكم فإنه منهم .

ويستمر الحديث في رفض الموالاة والتبعية للآخر «لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه. قلنا يا رسول الله: اليهود والنصارى. قال: فمن إذن؟» وهو سبب كتابة «علم الاستغراب» للتخلص من صورة الغرب كمصدر للعلم كي يصبح موضوعا للعلم، وللقضاء على أسطورة الثقافة العالمية التي وحد الغرب نفسه بها. وكل حضارة بنت تاريخها وظروفها وعصرها، وللقضاء على عقدة العظمة لدى الغرب، وعقدة النقص لدى الشعوب اللاغربية من أجل حوار متكافئ بين الحضارات يقوم على الأخذ والعطاء، والتعليم والتعلم ضد المعلم الأبدي والتلميذ الأبدي.

وكلما اشتد التغريب بكل ما ينتج عنه من قيم الاستهلاك وملذات الحياة والتميع والذوبان والانصهار في الآخر نشأت الحركات السلفية والأصولية للدفاع عن الهوية، والتمسك بالأصالة لدرجة «المفاصلة» بين الأنا والآخر، بين الإسلام والغرب طبقا لثنائيات الإسلام والجاهلية، والإيمان والكفر، والحق والباطل، والصواب والخطأ، والهداية والضلال. وهي ظروف نفسية نشأت عن تعذيب أعضاء الجماعات الإسلامية في السجون كما حدث لسيد قطب في 1954م وكتابه «معالم على الطريق» الذي يكفر فيه المجتمع بعد أن كان من دعاة الاشتراكية الإسلامية في «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، و«الإسلام والرأسمالية»، و«السلام العالمي والإسلام». واليسار الإسلامي هو استئناف لسيد قطب الأول في المرحلة الاشتراكية بعد المراحل الشعرية والأدبية والنقدية والفلسفية. كما أنه استئناف لمصطفى السباعي في سوريا في «الاشتراكية والإسلام».

هذا التقابل بين الأنا والآخر، في الواقع النفسي والثقافي والسياسي والتاريخي، ليس موقفا مبدئيا بل فقط حين تتبع الذات الآخر وتذوب فيه. إنما الموقف المبدئي هو الحوار بين الذات والآخر كندين متكافئين مجتهدين دون تحديد مسبق أي الفريقين على خطأ وأيهما على صواب،

وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين . وفي نفس الوقت الذي يحرم فيه القرآن موالاة الآخر بمعنى التبعية وفقدان الهوية يثبت المودة له،

ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون . كما يؤكد التقاء الأنا والآخر على كلمة سواء، نسق من القيم يقوم على الحرية والعدل للجميع في آية المباهلة،

قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله . وبتعبير الثوار المحدثين، يد تقاتل التبعية والتغريب، ويد تسالم من أجل حوار متكافئ بين الطرفين. (4) تجنيد الجماهير

إذا كان فقه الأولويات في اليسار الإسلامي يبدأ أولا بتحرير الأرض ضد الاحتلال، وثانيا بحرية المواطن ضد القهر، وثالثا بالعدالة الاجتماعية ضد الفقر، ورابعا بوحدة الأمة ضد التجزئة، وخامسا بالتنمية المستقلة ضد التبعية، وسادسا بالهوية ضد التغريب، فإن القضية السابعة والأخيرة هي تجنيد الجماهير أو حشد الناس، وتحويل الأمة من الكم إلى الكيف، وتحويل حوالي مليار ونصف من المسلمين أي ربع سكان المعمورة من مجرد عدد كمي إلى طاقة كيفية قادرة على الصمود في مواجهة خمسة ملايين من المستوطنين في فلسطين. يساندهم ثمانية ملايين من يهود العالم. ومن ورائهم الدوائر العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية خاصة المحافظين الجدد. فالأفكار في حاجة إلى بشر، والأيديولوجيات في حاجة إلى جماهير، والنبوات حركات تغير ودفعات تقدم في مسار التاريخ. الأفكار بمفردها لا توجد إلا في أذهان النخبة ثم تتحقق في حركة الجماهير، من الخاصة إلى العامة، ومن القادة إلى الشعب.

وهو موضوع فلسفي واجتماعي وسياسي. تحدث فيه أورتيجا في «ثورة الجماهير» ودوسيل في «تربية المضطهدين». وتعرض إليه القدماء بتفرقتهم بين الخاصة والعامة على نحو معرفي خالص. فالخاصة هم القادرون على فهم الباطن وتأويل النصوص، في حين أن العامة وظيفتهم التطبيق لظاهر الشريعة وطاعة الأحكام.

والسؤال هو: لماذا هذا السكوت المطبق للجماهير؟ أين الشارع العربي؟ «وين الملايين ؟» يتحرك الشارع الأوروبي بالملايين من أجل قضايانا، ضد الغزو الأمريكي للعراق، وضد الاحتلال الإسرائيلي لكل فلسطين، والشارع العربي صامت، إلا من بؤر محدودة هنا وهناك، في المغرب ومصر والبحرين والسودان واليمن وموريتانيا وعلى نطاق أوسع في لبنان، والعرب ثلاثمائة وخمسون مليونا لا يتحركون لفك الحصار عن غزة. والمسلمون مليار ونصف ولا يتحركون لتحرير القدس، أولى القبلتين وثاني الحرمين. فما السبب في هذا السكون المطبق؟

अज्ञात पृष्ठ