ولسمار الإسكندرية أشباه غير هؤلاء، وهم سكان البعكوكة الأرضية بدار الكتب المصرية، حيث يلتقي الأساتذة محمد الهراوي وأحمد رامي وأحمد الزين وعبد الله حبيب.
ولكن هذه البعكوكة نهارية، فياليت شعري كيف يصنعون في رمضان. •••
أما الأندية الأدبية فهي منثورة في مختلف الحواضر المصرية، وأشهرها جمعيات الشبان المسلمين، وأندية الموظفين، وهي مختلفة الألوان فمنها ما يخوض في شؤون المجتمع، ومنها ما يخوض في شؤون الأدب ومنها ما يشرح أصول الدين، وفيها تيارات اجتماعية وسياسية يصعب الكلام عليها في هذا الحديث، ويكفي أن نذكر أن حياتها الليلية تعتمد على السمر الطريف، وتهتم في الأغلب بسماع المحاضرات أو الإقبال على ما ينشر المذياع من أغان وأحاديث. •••
بقى أن نشير إلى الجرائد الهزلية في مصر، فلها لون طريف في أيام رمضان.
لقد كان من عادة الناس في مصر أن يختصوا هذا الشهر بنوع من الحلوى اسمه قمر الدين، وهو دائما مادة الفكاهة في الجرائد الهزلية، وقد اتفق مرة أن أرسل أحد الموظفين هدية إلى حضرة صاحب العزة عوض بك إبراهيم وكيل وزارة المعارف، فعدها رشوة وأبلغ الأمر إلى النيابة، فكتب الأستاذ حسين شفيق المصري يقول: إن هذه من أقوى دلائل النزاهة في عوض بك إبراهيم، ولا سيما إذا تذكرنا أن الهدية كانت في رمضان وأنها من قمر الدين.
ونشرت إحدى الجرائد عن رجل مشهور أنه تناول الغذاء في القناطر الخيرية، وكان ذلك في رمضان، فكتب أحد الأدباء في تأنيبه يقول: ألم تسمع أننا في رمضان؟ ألم تسمع وحوي وحوي أيوحه؟ ألم يطبخوا في بيتكم قمر الدين؟
ولكن قمر الدين - مع طلعته البهية - تقلصت دولته، وحلت محله الكنافة، على وجهها أزكى التحيات، فمن شاء منكم أن يزور مصر فليكن ذلك في رمضان، ليمتع عينيه بمنظر الكنافة، فلها وجه خمري جميل.
وقد يكون من الفكاهة أن أحدثكم أن الكنافة تقوم في مصر بعمل قومي جليل، فإخواننا المسيحيون يدعون كثيرا لتناول الكنافة مع إخوانهم المسلمين في رمضان، وأكثرهم يتوهم أن جنة المسلمين ستكون مملوءة بالكنافة، وأنا لذلك أرجو أن يهديهم الله جميعا للإسلام فيجتمعوا على الكنافة هنا وهناك.
سيداتي وسادتي
تلكم كلمة موجزة عن أسمار رمضان، فإن راقتكم فبها ونعمت وإن لم ترقكم فاعذروني، فقد فارقت في مصر أصدقاء أعزاء منهم السيدة كنافة والسيد قمر الدين، والمرء حين يبعد عن أعزائه تفارقه بلاغة القلم وفصاحة اللسان.
अज्ञात पृष्ठ