وما أنكر أيها السادة أني عرفت فيما سلف ليلا أطول من ليل بغداد، وهو ليل باريس، ولكن ليل باريس على طوله كان طيع الصباح بفضل ما هنالك من ملاه وفتون، أما ليل بغداد فلا يعرف شيئا من ذلك، هو ليل العلم، وسيصيرني واأسفاه من كبار العلماء!
وخلاصة القول أني سعيد في بغداد، ولا يضايقني إلا شيء واحد: هو وجود جماعة من الأساتذة المصريين في هذه البلاد، أساتذة ينافسونني أخطر منافسة بفضل ما رزقوا من غزارة العلم وحصافة العقل، ولكن يعزيني أنكم لن تطالبوني بمثل ما يقدمون من صالحات الأعمال وطيبات الجهود، ففيهم رجل سبقني إلى الدنيا بأكثر من خمسين سنة وهو الأستاذ محمود عزمي، أطال الله حياته وبارك في عمره، وبلغه ما يسمو إليه من كرائم الآمال.
أيها السادة
هل لكم أن تسمحوا لي بالترويح عن نفسي قليلا؟ لا بد للمصدور أن ينفث ولي أمل عزيز أخشى أن يخيب.
لقد رحلت عن مصر وأنا مصمم على الاستبسال في الدعوة إلى إنشاء جامعة عراقية، فلما وردت العراق لم أجد من يشجعني على تحقيق ذلك الأمل النبيل ، وصارحني بعض الرجال بما يعترض إنشاء الجامعة العراقية من عراقيل.
فأنا أنتهز هذه الفرصة لتسجيل هذه الرغبة بطريقة علنية وأصافح بيمناي أنصارها الأوفياء، وأدعوكم إلى الكتابة عن هذه الأمنية في كل يوم، والكلام عنها في كل مجتمع والالحاح بها على جميع الوزراء، واعلموا أن من العار أن تخلو بغداد من جامعة، وباسمها الخالد تتعطر الافواه في جامعات الشرق والغرب.
إن الحجة في أيدينا أيها الزملاء، فعندنا نواة الجامعة العراقية، عندنا النواة السليمة لأربع كليات، فلنبادر بتأسيس الجامعة العراقية بصفة رسمية، ولنبادر بخلق الصلات العلمية والأدبية مع الجامعة المصرية وجامعة باريس، ولنقرر منذ هذه الساعة أن نفتتح الجامعة بمهرجان مشهود في آذار المقبل، شهر الأزهار والرياحين.
أيها الصحفيون الشرفاء
لقد كنتم عند ظن الوطن الغالي في ظروف كثيرة، فشدوا من عزائمكم لنصرته هذه المرة، وحققوا أشرف غاية لحملة الأقلام وهي إعزاز العلوم والآداب والفنون.
أيها الزملاء
अज्ञात पृष्ठ