منذ أيام جاء إلى دار المعلمين العالية فراش من كلية الحقوق وترك لي نسخة من جريدة الرأي العام التي تصدر في بغداد، فعرفت أن أحد الموظفين هناك أرسلها إلي لغرض خاص فقلبت الجريدة فرأيت فيها تصريحا للأستاذ مصطفى عبد الرازق عن الوحدة العربية ورأيت تحت ذلك التصريح عبارة مكتوبة بالحبر الأحمر هذا نصها: «ليتأمل الدكتور زكي مبارك».
وقد تأملت وتأملت ثم تأملت، فماذا في تلك العبارة؟ فيها أن الأستاذ مصطفى عبد الرازق يقول إن مصر تقف من الوحدة العربية موقف المشاهدة لا موقف الفاعلة.
وهو كذلك، ولكني عرفت من سياق العبارة أن الأستاذ مصطفى عبد الرازق ألقاها باللغة الفرنسية لأنها نشرت في جريدة انجليزية أعني أنه قرر أن مصر ليس لها مع الأمم العربية موقف يسمى
Action
وهذه كلمة حق، فالظروف لا تساعد مصر على تجييش الجيوش في سبيل الوحدة العربية، وهذا إثم لا تحتمله مصر وحدها وإنما هي مصيبة دولية تشترك فيها جميع الأمم العربية.
ومع ذلك هل سكت المصريون على كلمة الأستاذ مصطفى عبد الرازق؟ لا، فقد هجموا عليه وخطأوه بعبارات قوية نشرتها جريدة العقاب منذ أيام.
مع أن عبارة الأستاذ مصطفى عبد الرازق ليس فيها عند التأمل ما يريب، وأقول بصراحة إن مصطفى عبد الرازق من مفاخر العرب والمسلمين، ولو كان في الأمم العربية عشرة من العلماء على نمط مصطفى عبد الرازق لكان العرب من أغنى الناس في عالم العقل والبيان.
أيها السادة
هل تحبون أن أحدثكم عن مصر العربية؟ قولوا إنكم تحبون ذلك!
إن مصر اليوم هي الشاهد على حيوية العرب : فالصحافة المصرية أقوى من الصحافة الفرنسية والصحافة الإيطالية والصحافة الألمانية، وليس هذا بالقليل يا أدباء بغداد، في مصر اليوم مطابع لا تقل قوة عن مطابع باريس ولندن وروما وبرلين، وهي مطابع عربية، لا إفرنجية ولا إنجليزية ولا جرمانية، في القاهرة معهد اسمه الجامعة المصرية، وهو بعون الله ورعايته لا يقل قوة عن جامعة لندن أو جامعة باريس أو جامعة برلين.
अज्ञात पृष्ठ