الآن تهدأ بغداد بعد أن تسدل أستارها على الغافلين من السعداء والبائسين، ويبقى المسهد الغريب الذي لا يعرف ربيع القلب، ولا نعيم الجفون.
في هذه الليلة تهدأ جنوب، وتقلق جنوب، وجنبى هو الجنب الحائر تحت سماء بغداد.
في هذه الليلة تتلفت عيون فلا تراني، عيون كنت لها أمتع من إغفاءة الفجر، وأنضر من بياض الصباح، في هذه الليلة تشتاقنى أكباد رقاق علمتها كيف تطيب ليالي الأعياد.
ولكن لا بأس، فسنعيش حتى نرد ديون الهوى، وسيعلم من أبكاهم الفراق أن الدمع لا ينفع وسنرجو أن لا يسمحوا لنا بعد هذه المرة بالتعرف إلى محطة باب الحديد.
أخي الأستاذ الزيات
لا أنتظر منك دمعة عند قراءة هذا الخطاب، ولكن لي إليك رجاء، فأحفظ عهد أخيك ولا تمش في شوارع القاهرة إلا مشية الخاشعين، فليس في تلك المدينة بقعة إلا ولي فيها صبوات، وليس فيها شارع ولا مشرب ولا ناد إلا ولي فيه أحباب وخلان.
ولو شئت لكلفتك تبليغ التحية إلى أصفياء القلب في مصر الجديدة، وفي الزمالك، ولكن مثلك واأسفاه لا يؤتمن على نقل التحية إلى أسراب الملاح، فلتكن «الرسالة» رسولي إلى من أذالوا غاليات الدموع يوم رحيلي إلى العراق، والسلام عليهم وعليك من الغريب الحزين.
الفصل السادس
العروبة في مصر
محاضرة ألقاها المؤلف في نادي المثنى
अज्ञात पृष्ठ