الله، الله!
هذا صحيح، وإني لأتذكر أني زرتك يا سيدتي في ذلك البيت، ولكني أنكر أني أسير يمينا ثم شمالا، فقد كنت أسير إليه شمالا ثم يمينا، ولكن قولك أصدق، فقد أكون نسيت لطول العهد، ولكثرة ما يحمل القلب من هموم وأحزان، عافاك الله مما أعاني.
ثم تقولين: «طالما تركت لك يدي لتقبلها، وهذا لم يمنع من أن تأنس روحي إلى روحك».
فأنت تشهدين بأنني قبلت يدك الكريمة وأن روحك أنست بروحي.
فهل تعرفين معنى ذلك؟
معناه يا مولاتي أنني ظفرت منك بطيف من الحنان، وهذا يزيد في وقدة الشوق، فما وردت موردا من موارد الحب إلا طال وجدي به وشوقي إليه، ولا رشفت ثغرا إلا بقى عطره في فمي، ولا استروحت ظلا من ظلال الحسن إلا بقى روحه في فؤادي، ولا رفعت بصري إلى وجه مشرق إلا بقى ضياؤه زادا شهيا تقتاته عيناي، ولا لعبت أناملي في الجدائل المعطرة إلا بقيت صورة هذا العبث الظريف مدار أوهامي وأحلامي.
سيدتي
إن خطابك لا يخلو من مزاح.
ولكن هل يؤذيني هذا المزاح؟ وكيف وهو يشهد بأنك كتبت ما كتبت وأنت تبسمين، ولو كانت البسمات مما تدفع فيه كرائم الأموال لبعت عقلي لأشتري لك بسمة أو بسمتين، أنا المحب الصادق الذي يبذل الدمع والدم في سبيل الملاح، وهل أبقى لي الهوى عقلا يشترى أو يباع؟
سيدتي
अज्ञात पृष्ठ