उम्र के ओएसिस: आत्मकथा: भाग एक
واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول
शैलियों
حيث تقدم فرقة شيكسبير الملكية عروضها؛ إذ كنت أذهب في الصباح الباكر غداة الإعلان عن فتح باب الحجز فأشتري تذاكر للحفلات النهارية (من 2:30 ظهرا إلى الخامسة يومي الأربعاء والسبت) لجميع المسرحيات التي سوف تقدمها الفرقة على مدى الموسم كله (ثلاثة أشهر) في أماكن جانبية في المسرح حيث أستطيع أن أسمع الحوار بوضوح وإن كانت زاوية الرؤية مرهقة، كما كنت أشتري تذاكر لمشاهدة عروض المسرح القومي واقفا (بأربعة شلنات ودون حجز) فكنت أذهب قبل العرض بساعة أو بعض ساعة فأقف في الطابور وأشتري التذكرة وأشاهد العرض واقفا ثم أجلس في الاستراحة، مما أتاح لي مشاهدة لورانس أوليفييه العظيم في مسرحية عطيل لشيكسبير وغيرها، وكان من نتيجة هذا التدبير والميل إلى التقشف أن أصبحت شديد الوعي بقيمة النقود والتمييز بين الضروريات والكماليات، وتعلمت من الطلاب حيلة قراءة الصحف والمجلات دون أن أشتريها؛ إما في غرفة الأساتذة بالكلية أو في أماكن بيع الصحف بالمكتبات، فكان كينيث جوردون، صديقي الإنجليزي، يشير علي بالمكتبات التي لا يكترث أصحابها بمن يغافلهم ويقرأ الصحف، كما أرشدني إلى الأماكن التي يترك الإنجليز الصحف اليومية فيها بعد قراءتها، وكان كثيرا ما يتجول وحده ليكتشف المطاعم الرخيصة والمكتبات التي تبيع الكتب القديمة، فكان خير عون للفقراء، وسرعان ما قال المصريون إن كن (
Ken
وهو اسمه المختصر) «واد جن»! (أو «كن مصور»!).
كان دخلي من الإذاعة محدودا، وكتابة الأحاديث مرهقة، وعملي في الرسالة يستغرق معظم وقتي ولا يترك لي الوقت الكافي لزيادة الدخل، وكانت معظم مسراتي في الحقيقة ذات تكاليف محدودة؛ فالسير في الطريق الذي يتوسط متنزه هايد بارك لا يكلف شيئا، وكانت الحديقة قريبة من منزل الطلاب، ومشاهدة الطيور في البحيرة الساكنة ومحاولة معرفة أنواعها، ومشاهدة الأزهار الغريبة أو الاستماع إلى المذياع؛ كل هذا من المتع التي اكتسبتها، وكان على رأسها جميعا فن المحادثة!
وقد اكتشفت جمال هذا الفن على مائدة الغداء في الكلية بعد أن عرفني عادل مشرفة بزملائه الذين أصبحوا زملاء لي، ومن بينهم أمريكية كانت تدرس علم الاجتماع اسمها سوزان، وتشكو دائما من عدم توافر الأفكار اللازمة للرسالة، وشاب يوناني اسمه بابادوبولوس، وكان يدرس الرياضيات، وأخرى تدرس الفيزياء واسمها كريستين، وكانت إنجليزية محضة، وكان يرتاد المائدة غيرهم من طلاب الدراسات العليا، فإذا دار الحديث الذي عادة ما يبدؤه الإنجليز بذكر أحوال الطقس، برزت اتجاهات تعلمت رصدها في تفكير كل منهم، وكنت أذكر في هذا الصدد قول الطيب صالح إن الذكاء يختلف عن سرعة التفكير (mental agility)
أو ما يوحي بسرعة التفكير واللماحية (أو الألمعية) في تراثنا الشرقي (
wit )؛ فالشرقي يرحب بسرعة التفكير والردود الحاضرة وإن اقتصرت على ردود الأفعال الساذجة، أما الغربي فلا يكترث لها، بل يهمه أن يكون المتحدث على صواب بغض النظر عن إطالة التفكير أو الإبطاء في الرد؛ ولذلك فلدى الإنجليز ما يسمى بالحديث العابر أو الاجتماعي (
small talk ) الذي يدرجه الدكتور بيرن
Berne
في باب «الطقوس الاجتماعية» (rituals)
अज्ञात पृष्ठ