उम्र के ओएसिस: आत्मकथा: भाग एक

मुहम्मद सिनानी d. 1443 AH
140

उम्र के ओएसिस: आत्मकथा: भाग एक

واحات العمر: سيرة ذاتية: الجزء الأول

शैलियों

وإن كانت قد اقترنت في الأذهان بالرقص والموسيقى والشراب! وعندما حل عيد الفطر شهد بيت الطلاب ما يشبه العرس، فاجتمع جميع العرب، ورقص السوريون «الدبكة» وغنى السودانيون أغاني ذات سلم موسيقي خماسي، واجتمع الطلاب من شتى الجنسيات لتأمل هؤلاء العرب الذين اختلفت ألوانهم وجمعهم تراث واحد، ولغة واحدة، بل إن نادية أعدت الفتة الشهيرة ليلة السادس من يناير (ليلة إفطارها) وحملت طبقا منها إلى السكرتيرة، مزانة بقطع اللحم (الهبر) فهالها حجم الطبق، وأصرت على أن تحمله إلى المنزل حتى يفرح به زوجها وأطفالها!

وقبل أن يحل العيد، جاءني صوت مألوف عبر التليفون، يطلب مني الحضور. كان ذلك صوت فادية سراج الدين، الطالبة في قسم اللغة الإنجليزية، وابنة المرحوم أنيس سراج الدين الذي كان رئيسا لبنك القاهرة، وكانت تعالج في أحد مستشفيات لندن من شلل الأطفال، فخرجت من الكلية وزرتها ثم انصرفت مسرعا لكي أدرك الإفطار مع الأصدقاء، وبعد ذلك اتصل بي والدها وطلب مني أن أعينها على متابعة الدروس حتى لا يضيع عليها العام الدراسي، فزرتها وكانت قد انتقلت إلى فندق فاخر قريب من بيت الطلاب، وترددت عليها حتى اطمأن قلبي إلى أنها قرأت ما هو مطلوب، فودعتها، وعادت إلى مصر وانقطعت عني أخبارها عشرين عاما، حتى رأيت النسخة المكتوبة بخط يدها من كتاب يطبع في الهيئة المصرية العامة للكتاب في أواخر الثمانينيات وعليها توقيع من سمير سرحان يقول فيه: «حافظوا على هذه النسخة فهي الوحيدة بخط المؤلفة رحمها الله.»

2

كنت أعيش في عالمين مختلفين؛ فأنا بالنهار في المكتبة، أقرأ الإنجليزية من الصباح إلى المساء، وأحادث الإنجليزي بالإنجليزية طبعا، وأتناول العشاء مع الأساتذة على مائدة خاصة، نتحادث فيها أكثر مما نأكل، وقد بدأت ألتقط التعبيرات الجديدة على مسمعي وأكررها، وأحاكي لهجة الأساتذة، فإذا كتبت تعثرت؛ لأنني لم أكن أعرف كيف أفرق بين العبارات العامية والعبارات الفصحى، وأحيانا ما كنت أمزج هذه بتلك فيدلني الأستاذ المشرف على الصواب، وكنت باختصار أعيش عالما غريبا بكل معنى الكلمة.

أما العالم الذي كنت أعود إليه في المساء فقد جعلته الغربة وطنا؛ فالطلاب في البيت الذي أقيم فيه أغراب، لكن رباط الغربة يشد بعضهم إلى بعض، وكنت أحيانا أخرج مع أحدهم، خصوصا جلال الإدلبي (السوري) فنذهب إلى السينما أو نتنزه في شوارع منطقة بادنجتون

التي تتميز بأحيائها الفقيرة، وكان بعضها قد دمرته الحرب ولم تمتد إليه يد التعمير بعد، أو في منطقة «لانكاستر جيت»

Lancaster Gate

المجاورة لنا ذات المنازل التقليدية التي صورها جورج أورويل في رواياته، والتي بدأت بعض المنازل الجديدة تظهر فيها، وبعض ملامح العمارة الحديثة فيما بعد.

وبدأت أشعر بالصراع بين العربية الكامنة في أعماقي والتي كتب عليها أن تظل حبيسة الزمان، وبين الإنجليزية التي أنهل منها فلا أشبع! لم يكن همي الانتهاء بسرعة من الرسالة، بل كنت أعيش في العالمين معا، خصوصا بعد أن عرفت طريق الإذاعة، وكتبت سلسلة مقالات عن «المغنيات العربيات»، جئت بالمعلومات عنهن من كتاب الأغاني للأصفهاني الموجود في كلية الدراسات الشرقية بلندن، وخصوصا بعد أن التقيت ببعض الزملاء من المصريين الذين رحبوا بوجودي بينهم، ويسروا لي سبل الكتابة والترجمة. وكان أهمهم المرحوم إدجار فرج الذي كان شريكا للمترجم دنيس جونسون دافيز في مكتب للترجمة، يتردد عليه المصريون جميعا؛ فهو قريب من المكتب الثقافي، وكانت لهما قصة ستأتي في حينها.

د. مسعد حجازي في بيت الطلاب 1966م.

अज्ञात पृष्ठ