मुस्तफा की हालतों पर वफा
الوفا بأحوال المصطفى
अन्वेषक
مصطفى عبد القادر عطا
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
1408هـ-1988م
प्रकाशक स्थान
بيروت / لبنان
عن داود بن الحسين قال : لما خرج أبو طالب إلى الشام خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، فلما نزل الركب بصرى من الشام وبها راهب في صومعة له ، وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه . | فلما نزلوا بدير بحيرى وكانوا كثيرا ما يمرون به لا يكلمهم ، حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا صنع لهم طعاما ودعاهم ، وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم من دون القوم حتى نزلوا تحت الشجرة ، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة فاخضلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها ، فلما رأى بحيرى ذلك نزل عن صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به ، وأرسل إليهم فقال : إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروه كلكم ولا تخلفوا منكم صغيرا ولا كبيرا حرا ولا عبدا ، فإن هذا شيء تكرموني به . | فقال له رجل : إن لك لشأنا يا بحيرى ، ما كنت تصنع هذا ، فما شأنك اليوم ؟ | قال : إني أحب أن أكرمكم ولكم حق . | فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه ، في رحالهم تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى إلى القوم ولم ير الصفة التي يعرف ويجدها عنده ، وجعل ينظر فلا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متخلفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بحيرى : يا معشر قريش لا يتخلفن منكم أحد عن طعامي . | قالوا : ما تخلف أحد إلا غلام وهو أحدث القوم سنا في رحالهم . | فقال : ادعوه ليحضر طعامي فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني أراه من أنفسكم . | فقال القوم : هو والله أوسطنا نسبا ، وهو ابن أخي هذا الرجل ، يعنون أبا طالب ، وهو من ولد عبد المطلب . | فقال الحرث بن عبد المطلب : والله إن بنا للؤم أن يتخلف ابن عبد المطلب من بيننا . ثم قام إليه واحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه . | وجعل بحيرى يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده في صفته . | فلما تفرقوا عن الطعام قام إليه الراهب وقال : يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تسألني باللات والعزى ، فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما ) . | قال : فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه . | قال : ( سلني عما بدا لك ) . | قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده ، ثم جعل ينظر بين عينيه ، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضع الصفة التي عنده ، فقبل موضع الخاتم . | فقالت قريش : إن لمحمد عند الراهب قدرا . | وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه . | فقال الراهب لأبي طالب : ما هذا الغلام منك ؟ | قال أبو طالب : هو ابني . | قال : ما هو ابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا . | قال : فابن أخي . | قال : فما فعل أبوه ؟ | قال : هلك وأمه حامل به . | قال : ما فعلت أمه ؟ | قال : توفيت قريبا . | قال : صدقت ، ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود ، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليبغنه عنتا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ، نجده في كتابنا وما روينا عن آبائنا ، وأعلم أني قد أديت إليك النصيحة . | فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا . وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا صفته ، فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره ، فنهاهم أشد النهي وقال لهم أتجدون صفته ؟ | قالوا : نعم . | قال : فما لكم إليه سبيل . فصدقوه وتركوه . | ورجع أبو طالب ، فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه .
पृष्ठ 130