منها فزعا شديدا ، فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي . | فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير ، وأنا يومئذ سيد قومي فقالت : ما بال سيدنا قد أتانا متغير اللون ؟ هل رابه من حدثان الدهر شيء ؟ | فقلت لها : بلى ، وكان لا يكلمها أحد من الناس حتى يقبل يدها اليمنى ، ثم يضع يدها على أم رأسه ، ثم يبدو بحاجته ، ولم أفعل لأني كنت كبير قومي . | فجلست فقلت : إني رأيت الليلة وأنا نائم كأن شجرة نبتت ، قد نال رأسها السماء ، فضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت نورا أزهر منها ، أعظم من نور الشمس بتسعين ضعفا . ورأيت العرب والعجم ساجدين لها ، وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا ، ساعة تخفى وساعة تزهر ، ورأيت رهطا من قريش قد تعلقوا بأغصانها ، ورأيت قوما من قريش يريدون قطعها ، فإذا دنوا منها أخرهم شاب ، لم أر قط أحسن منه وجها ولا أطيب منه ريحا ، فيكسر أظهرهم ويقلع أعينهم ، فرفعت يدي لأتناول منها قسما فقال لي : لا نصيب لك فيها . | فقلت : ومن له نصيب ؟ | فقال : النصيب لها وللذين تعلقوا بها وسبقوك إليها . فانتبهت فزعا مرعوبا . | فرأيت وجه الكاهنة قد تغير ، ثم قالت : لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب وتدين له الناس . | ثم قالت لأبي طالب : لعلك أن تكون عم هذا المولود . | فكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج ويقول : كانت الشجرة والله أعلم أبا القاسم الأمين . | فيقال له : ألا تؤمن به ؟ | فيقول : السبة والعار |
2 ( الباب الثاني عشر | في ذكر منام رآه خالد بن سعيد بن العاص يدل على
رسول الله صلى الله عليه وسلم ) 2
पृष्ठ 76